قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيتها له مطلقا، أو على تقدير التوصل به إليه» (1) انتهى المقصود من كلامه الآن.
وقد ركب المتأخرون عنه كل صعب وذلول في طلب الاعتراض عليه، وفي مقدمتهم الفاضل المقرر، وما ظفرت أكفهم بغير مقابلة هذه الضرورة الواضحة بدعوى ضرورة حصول الإمكان من جهة المقدمة ولو كانت غير موصلة، وقد عرفت في الحكومة السابقة أنها حق، ولكن الإمكان إنما يكون مطلوبا إذا ترتب عليه الغير وإلا فما يصنع الآمر به، وما ذا غرضه فيه، ويا حبذا الإمكان لو كان يبرئ علة أو يروي غلة.
نعم يكون الإمكان من جهة واحدة مطلوبا إذا ترتبت المقدمات، وحصل الإمكان من جميع الجهات، وهذا معنى ترتب الواجب عليه.
ومن الطريف أن الأستاذ - طاب ثراه - أنكر هذه الضرورة، ورماها بالمجازفة أولا، ثم لم يلبث حتى قادته السليقة المستقيمة والفطرة السليمة إلى الإذعان بها، بل زاد على ما ادعاه صاحب الفصول، فقال وهذا نصه:
«نعم إنما يكون التفاوت بينهما في حصول المطلوب النفسي في إحداهما، وعدم حصوله في الأخرى من دون دخل لها في ذلك أصلا، بل كان بحسن اختيار المكلف وسوء اختياره، وجاز للآمر أن يصرح بحصول هذا المطلوب في إحداهما وعدم حصوله في الأخرى، بل من حيث إن الملحوظ بالذات هو هذا المطلوب، وإنما كان الواجب الغيري ملحوظا إجمالا بتبعه كما يأتي أن وجوب المقدمة على الملازمة تبعي، جاز في صورة عدم حصول المطلوب النفسي التصريح بعدم حصول المطلوب أصلا، لعدم التفات إلى ما حصل من المقدمة، فضلا عن كونها مطلوبة، كما جاز التصريح بحصول الغيري، مع عدم فائدته لو التفت إليها» (2)