جدا، والالتزام به في مثل هذا الفرض البعيد أمر هين، وكذلك وجوب السير إلى صلاة الجمعة قبل الوقت، إذ الظهر بدل عنها.
وأما بيان الثاني منهما أعني الوجوب التعليقي فقد سبق أيضا بعض القول فيه، ويأتيك تمامه قريبا إن شاء الله تعالى الوجه الثاني: ما أفاده الشيخ الأعظم، وإليه يرجع ما اختاره السيد الأستاذ - طاب ثراه - وحاصله بعد تلخيصه وتوضيحه:
«أن الحاكم بوجوب المقدمة هو العقل، ولا شك في أنه يقضي بلزوم تحصيل مقدمات الواجب المشروط قبل حصول شرطه إذا علم بحصول الشرط فيما بعد، وعدم قدرته على المقدمة عنده، إذ لا يفرق العقل بين أجزاء الزمان بعد العلم بالتكليف في الزمان الآتي لا محالة في وجوب المقدمة، كما يكشف عن ذلك ملاحظة طريقة العقلاء فإن بناءهم على جواز مؤاخذة من علم بثبوت تكليف عليه في الزمان اللاحق ولم يتهيأ له بترتيب مقدماته مع قدرته عليه حتى طرأ عليه العجز عن الامتثال في وقته، ألا ترى أنه لو قال لعبده: سافر غدا. وكان السفر فيه محتاجا إلى مقدمات يلزم تحصيلها قبله فتركها مع القدرة عليها، فعجز لذلك عن المسافرة، حكم عليه العقلاء باستحقاق العقاب» هكذا نقله عنه تلميذه العلامة في البدائع (1)، وهو محصل ما نقله مقرر درسه، وتعقبه بقوله:
«لا يقال: إن الوجوب في الواجب المشروط يتعلق بالفعل بعد حضور زمانه ووجود الشرط، فليس وجوبه فعليا، ومع ذلك لا يعقل الوجوب الفعلي للمقدمة، إذ يلزم منه مزية الفرع على الأصل.
لأنا نقول: إن الواجب صفة منتزعة من الفعل الواجب الذي تعلق به الطلب في نظر الطالب، وبعد تحقق الطلب - كما هو المفروض - لا وجه لعدم