يرى اختصاص مصداق الواجب بها، وللمكلف القدرة في كل مقدمة على أن يوجدها بصفة الوجوب بأن يأتي بالواجب بعد إتيانها، وأن يأتي بها بخلاف ذلك، فإذا كان قادرا على الواجب، وعالما بقدرته صح تكليفه لحصول شرط التكليف بوجود الاختيار، والقدرة على الفعل والترك معا، وأين هذا من طلب الحاصل المحال؟ نعم لو كان الجواز مشروطا بنفس الاختيار كان أمرا بما لا بد من وجوده، ولزم المحال.
هذا، وقد توهم جماعة منهم هذا الأستاذ، أن منشأ توهم صاحب الفصول خلطه بين الجهة التقييدية والتعليلية (1).
ولا أدري كيف يصح نسبة هذا الخلط بل الخبط إلى مثله وهو القائل في بيان الفرق بين قسمي الواجب الغيري والنفسي ما نصه:
«المطلوب من المكلف في الواجب الغيري إنما هو إيجاده للتوصل به إلى غيره، على أن يكون التوصل به إليه مطلوبا منه وإن كان حاملا على الطلب أيضا، والمطلوب في الواجب النفسي إيجاده فقط، والتوصل به إلى أمر آخر أو حصوله إن كان مطلوبا فهو أمر خارج في كونه مطلوبا منه، وإنما هو حامل على الطلب» إلى آخره (2).
والغرض من نقل هذا الكلام تنبيه الناظر فيه إلى أنه - طاب ثراه - لم يغفل عن الفرق بين جهتي التعليل والتقييد، بل صرح باجتماعهما في الواجب الغيري، وجعل هذا الاجتماع هو الفارق بين قسيميه، وصرح بإمكان وجود الجهة التعليلية في الواجب النفسي، فكيف ينسب إليه الخلط بينهما؟