والأغراض المترتبة الكثيرة غير عزيزة، فالإنسان يريد الدراهم لشراء الأرض، وشراء الأرض للزرع، والزرع للثمر، فإذا فرض عدم ترتب الثمر، انتفت الثمرة من جميع تلك المقدمات، وتوجد جميعا بوجودها.
ويوضح ما قلناه ملاحظة الواجبات النفسية، فإن الغرض قد يتعلق بالمركب من عدة أجزاء، ويسري ذلك الغرض إلى كل جزء جزء في حال الانضمام، ويختلف الغرضان، إذ الغرض من الجزء حصول الكل، ومن الكل الفائدة المترتبة عليه، والأول تابع للثاني بمعنى لغويته، وعدم تعلق الأمر به لو لا الغرض الأول، بل ربما يكون مبغوضا في لحاظ الانفراد كما يظهر من ملاحظة المعاجين المركبة من الأجزاء السمية والدرياقية (1).
ولا فرق بين الواجبات النفسية والغيرية من هذه الجهة إلا اختلاف نوع الفائدة، وهو غير فارق في المقام.
ومع انتفاء الغرض ينتفي الأمر قطعا انتفاء المعلول بانتفاء علته، وقد تنبه لذلك مقرر الشيخ - طاب ثراه - فقال ما نصه:
«فإن قلت: مراده (2) من شرط الوجود ما هو شرط لوجود الواجب على صفة الوجوب، كما يظهر ذلك بملاحظة وجود الأجزاء الواجبة في الصلاة، فإن شرط وجود الجزء على وجه الوجوب لحوق الأجزاء الأخر به، فكما ان (الحمد) لا يجزي عما هو الواجب منه ما لم تلحقه الأجزاء اللاحقة، فكذلك المقدمة لا تقع على صفة الوجوب ما لم يترتب عليها الغير، فهو شرط لوقوعها على هذه الصفة، لا شرط لوجودها حتى يدور، ولا لوجوبها حتى يكون متضح الفساد.
قلت: نعم ينبغي حمل كلامه (3) عليه».