وحاصله: أن الطلب يتعلق بالمقدمات في لحاظ الإيصال بمعنى أن الآمر بعد تصور المقدمات بأجمعها يريدها بذواتها، وتلك الذوات بهذا اللحاظ (1) لا ينفك عن الإيصال، وترتب المطلوب النفسي عليها، ولو فرض لحاظه (2) مقدمة منفكة عن سائر أخواتها لم يكن مريدا لها، لأنها وإن كانت بذاتها موردا للإرادة ولكن مطلوبيتها في ظرف ملاحظة سائر المقدمات معها، ولم يكن كل واحدة منها مرادة على نحو الإطلاق بحيث تسري الإرادة إلى صورة انفرادها، وهذا الوجه يتحد في النتيجة مع القول بالموصلة، ولا يرد عليه شيء من الاعتراضات السابقة.
هذا حاصل ما استفدنا منه - أحسن الله إليه - ولكنه يحتاج إلى توضيح ومزيد بيان، إذ لقائل أن يقول: لا تتعقل مرتبة بين الإطلاق والتقييد (3)، ولازم عدم التقييد كفاية المطلق، فتقع على صفة الوجوب وإن لم تكن موصلة، وستعرف منا - إن شاء الله - في أثناء البحث عن مقام الإثبات ما يزيح كل شك وريب، ويصونه عن كل وصمة وعيب.
وأما الكلام في مقام الإثبات، فملخص القول فيه أن الغرض من المقدمة إن كان مجرد إمكان الواجب الأصلي من ناحيتها بعد ما كان عدمها يوجب العدم فلا وجه للتقييد بالموصلة، إذ هذا الغرض يحصل بغيرها فلا وجه للتخصص بها.
وإن كان الغرض ترتب الواجب عليها فلا شك في أنها مع تجردها عن الإيصال لا يتعلق بها الغرض، فلا يمتثل بها الأمر، والحكم في هذا المقام للوجدان وحده.
ومن الطريف أن كلا من الطائفتين يستدل به على معتقده، ويصول به على خصمه.