الماء من عينه، فخرق طبقات بصره وغادره (1) يقاسي أمض الأوجاع على فراشه، ثم عصى ولم يخرج ماء عينه فهل يشك المنصف الذي ليفسد وجدانه بمزاولة الشبهات، أن للآمر أن يعاقبه على ما أورد عليه من الحرج والألم في أعز أعضائه (2) قائلا: إذا لم تمتثل أمري فلما ذا خرقت بصري، وأطلت ألمي وسهري ورميتني بالمقعد المقيم (3)، وتركتني أتململ على الفراش تململ السليم (4)، فهل ترى للعبد أن يدفع عن نفسه العقوبة، بل يطلب منه - كما هو مذهب جماعة - على فعله المثوبة قائلا: إني قد أديت الواجب وفعلت ما فعلت بإرادتك وأمرك فهب إن لي معصية واحدة، فلي عليك ضروب من الإحسان حيث أخرجت مطلوبك الممتنع من عدة جهات إلى الإمكان؟ وقد عرفت - سابقا - أن السيد الأستاذ كان يتخلص عن هذه الأمثلة بمدخلية القصد، ويلتزم بعدم الأمر بالمقدمة إلا مع القصد.
ويرده مضافا إلى ما عرفناك به سابقا، أن الوجدان شاهد بصحة العقاب على المقدمات المبغوضة ذاتا حتى لو كان عازما على الإطاعة وقت الإتيان، ويرى له بعده العصيان، فراجع وجدانك وأنصف.
وغيره (5) من مشايخنا (6) كان يلتزم بأشدية العقاب على ترك الواجب الأصلي فيعود إليه السؤال عن سبب أشديته، وكيف يكون الإتيان بواجبات