الأول إلا مقدمة لهذا الوضع وتهيئة له، ولا نبالي بعدم تسمية الأول وضعا، إذ تمام المقصود هو الوضع الثاني، كذا قال السيد الأستاذ أعلى الله رتبته وقدس تربته.
أقول: وهذا أيضا قسم من الوضع يسمى بالوضع التحصلي، كما ذكره - الجد - العلامة في الهداية، ومثل له بوضع الحروف الهجائية لتركيب الكلمات (1).
وهذا إن لم يكنه فهو قريب منه، ولكن ينبغي أن يكون مراده - طاب ثراه - ملاحظة المواد إجمالا عند وضع الهيئات، إذ ملاحظتها تفصيلا يعيد محذور الوضع الشخصي، وكما أن المحذور يندفع بملاحظة المواد إجمالا، كذلك يندفع بوضع الهيئات في مادة مخصوصة كمادة (ض) (ر) (ب) ثم قياس بقية المواد عليها.
هذا، ولي في المقام كلام لعله مما يرتضيه الأفكار العالية، والأفهام الثاقبة، ويتوقف ذلك على بيان معنى الهيئة، ونقول مقدمة لتوضيحه:
إن المركوز في الأذهان أن حروف المباني بأنفسها ومن غير ملاحظة ما بعدها إما متحركة أو ساكنة، وأن السكون والحركات الثلاث عوارض على نفس الحروف، وكيفيات لها، وليس الأمر كذلك عند دقيق النظر، كما نبه عليه الشيخ نجم الأئمة (2) في شرح الكافية (3)، بل الحرف بنفسه ليس بمتحرك ولا ساكن، وليس الذي يدعى متحركا إلا الذي بعده أحد حروف الإعراب أعني: الألف والياء والواو، أو مرتبة ناقصة خفيفة منها، وهي التي تسمى بالفتحة والكسرة