بعد ما مر نقله:
«ثم على تقدير تحقق هذه الحقائق في الشرائع السابقة فهل هي بوضعه تعالى لها فيها، أو بوضع أول نبي شرعت تلك الماهيات في شرعه، أو بغلبة الاستعمال في لسانه، أو لسان متابعيه، أو الجميع» (1) انتهى.
وهذا لا يثبت بهذه الحجة، إذ وجود هذه الماهيات في لغة العرب لا يستلزم أن تكون أسماؤها عندهم تلك الأسماء الموضوعة لها في اللغة الأخرى، هذه الفرس تدين بدين العرب، وللعبادات المقررة فيه كالصلاة والصوم ألفاظ في لغتهم (2) غير تلك الألفاظ، وقد عرفت سابقا معلومية لغات تلك الشرائع، وأنها غير هذه اللغات.
وقد ذكره أخوه - الجد - طاب ثراه هذا الوجه في عداد الوجوه الدالة على ثبوت الحقيقة الشرعية، وتنبه لما يقرب من هذا الإشكال، ودفعه بما ملخصه: «أن العرب كانوا يعبرون عنها بهذه الألفاظ، ولذا وقع التعبير بها في الكتاب العزيز، فكانت تلك الألفاظ معروفة عندهم وإن كان المعبر عنها في أصل شرعهم من غير اللغة العربية» (3).
وبالجملة يكفي فيما يرومه صاحب الفصول من كونها حقائق لغوية وجودها في لغة العرب قبل زمان الشارع، واستعماله لها في تلك المعاني من غير حاجة إلى كونها هي تلك الألفاظ الموجودة في أصل ذلك الشارع، فتكون ألفاظا عربية أصلية لا عبرية دخيلة في لغة العرب.
هذا، وثمرة النزاع تظهر في حمل ما ورد في كلام الشارع من هذه الألفاظ