والضمة، ولا الساكن إلا الذي لم يكن بعده أحدها، سواء كان بعده حرف من غيرها أو لم يكن حرف أصلا، ومن شأن هذه الحروف أن قلتها في الكلام توجب صعوبة النطق، بل عدم إمكانه كما في ابتداء الكلام، وكثرتها توجب ركاكته وانحلاله، ولهذا منعوا من التقاء الساكنين، ومن توالي أربع حركات أو أكثر، وفي بعض اللغات (1) المتعارفة لا توجد هذه الحروف إلا تامة، وليس فيها ما نسميه فتحة وضمة وكسرة.
إذا عرفت هذا، فاعلم أن هيئات المشتقات ليست إلا حروفا تامة وناقصة وزعت على حروف المادة، وجعلت خلالها على ترتيب مخصوص، وليست هيئة (مضروب) إلا ميم وواو، جعلت الميم قبل الحرف الأول من المادة، والواو ما قبل آخرها، وما هي إلا كلفظ (من) من حيث الوضع والمعنى.
وقد سبق منا في مبحث معاني الحروف أن الحروف ليست إلا علامات لتعيين موضع مدخولاتها، فلفظ (في) في قولك: زيد في الدار. لا وظيفة لها إلا تعيين أن الدار في هذه الجملة موضعها الظرفية، وكذلك الحرف المتخلل بين حروف المادة لا موقع لها إلا بيان أن المادة في هذا الاستعمال وقعت موقع المفعولية، وقس عليه سائر الهيئات المشتقات.
وبالجملة، فالحروف على قسمين: قسم يقع بجميع حروفه قبل الأسماء ك (من) و (إلى) ونحوهما، وقسم يتفرق بين أجزاء المادة، والسر في ذلك واضح.
الثاني: أنه قد تقدم في صدر المبحث عن (الفصول) تعريف لفظ المشتق وعن السيد الأستاذ تعريف المبدأ ومعناه إجمالا، وبقي علينا البحث عن معنى المشتق وما يصلح للمبدئية.
فنقول: لو قيل: إن المشتق هو المادة الملحوظة ببعض تطوراتها وحيثياتها