" ثم إن اعتباره الحيثية في الأمر في قوله: للامتثال للأمر بالماهية من حيث إنه أمر بالماهية، غير مفهوم الجهة، ليس على ما ينبغي ".
نعم يتوجه إليه تجريد الماهية عن الشرائط في مقام الاختراع، فإنه غير واضح الوجه، بل بظاهره فاسد الوضع، إذ الماهية في مقام الاختراع تعتبر بجميع ما له دخل في ترتب الأثر حتى الشرائط، فإن كانت متصفة بالصحة حينئذ بالقياس إلى الأجزاء فكذا بالنسبة إلى الشرائط وإلا فلا صحة مطلقا، فالفرق تحكم، مع أنه لا يستقيم إلا على القول بالفرق في الصحة والعموم بين الأجزاء والشرائط، وهو عادل عنه.
وكيف كان: فلا يتعلق بتحقيق هذا المقام فائدة مهمة، ولعلك تعرف الحق فيه بملاحظة كلماتنا الآتية في المقدمات الأخر، ولا نطيل هنا.
المقدمة الرابعة: في نبذة مما يتعلق بماهية العبادة باعتبار ما يضاف إليها من الجعل والاختراع وما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط.
فنقول: إن اختراع الماهية الجعلية باعتبار الأجزاء، عبارة عن أن يلاحظ عدة أمور مختلفة الحقائق، متشاركة في الجنس المقول عليها، ثم يعتبر انضمام بعضها إلى بعض، فيحصل به ماهية ملتئمة عن أجزاء.
وباعتبار الشرائط أن يلاحظة عدة أمور أخر غير مشاركة للماهية في الجنس المقول عليها، ثم يعتبر تقييدها بتلك الأمور، فيحصل ماهية ملتئمة عن أجزاء مشتملة على شرائط.
وبذلك يعلم الفرق بين الأجزاء والشرائط، فإن جزء الشئ عبارة عما يشاركه في الجنس المقول عليه، سواء كان من مقولة الجواهر أو الأعراض، وشرطه عبارة عما لا يشاركه في ذلك الجنس، فإن كان من مقولة الجوهر لابد وأن يكون جزؤه أيضا من هذه المقولة وشرطه من غير هذه المقولة من أنواع العرض، وإن كان من مقولة عرض الفعل مثلا فجزؤه أيضا لابد وأن يكون من هذه المقولة، وشرطه من غيرها مما هو من مقولة الكيف أو الكم أو غيرهما.