المعنى الفعلي والمعنى الحرفي، لا إلى منع جواز استعمال المشترك على تقدير وقوعه في أكثر من معنى، مع أنه على تقدير وقوعه بين المعنى الاسمي وغيره، وبين المعنى الفعلي والحرفي أمكن منع الملازمة باعتبار الحيثية فيما إذا استعمل في المعنيين، بأن يقال: إنه من حيث أريد منه معناه المستقل الغير المقترن اسم، ومن حيث أريد منه معناه المستقل المقترن فعل، ومن حيث أريد منه معناه الغير المستقل حرف فتأمل.
ثم إن ما قررناه من دليل المنع عام، ومفاده عموم المنع من استعمال المشترك في أكثر من معنى في المفرد والتثنية والجمع، والمثبت والمنفي، فبذلك انقدح ضعف سائر الأقوال، كما أنه ظهر به مضافا إلى ما قررناه في المقدمات ضعف حججها والجواب عنها، فلا طائل في الإطناب بالتعرض لذكرها وبيان ما في كل واحد بالخصوص.
تنبيهات:
أحدها: قد عرفت سابقا أن من مجوزي استعمال المشترك على وجه الحقيقة من زعم ظهوره عند التجرد عن القرينة في إرادة الجميع، ونسبه في النهاية (١) إلى الشافعي وأبي بكر وعبد الجبار، وحكى عنهم الاحتجاج عليه بوجهين:
أحدهما: إنه حينئذ إما أن يحمل على أحد المعاني لا بعينه فيلزم الإجمال، أو يتعين ولا مرجح له، فيتعين الحمل على الجميع.
وقد يقرر: بأن حمله على جميع معانيه غير ممنوع فيجب حمله عليه حينئذ، إذ لولا ذلك فإما أن لا يحمل على شيء من معانيه وذلك إهمال للفظ بالكلية، وهو ظاهر البطلان، أو يحمل على بعض دون بعض وذلك تحكم وترجيح بلا مرجح.
وثانيهما: قوله عز من قائل: ﴿ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس﴾ (2).