خلافا لما جزم به بعض الأعلام، قائلا: " والحاصل إنه لا ريب في أن الماهيات المحدثة أمور مخترعة من الشارع، ولا شك أن ما أحدثه الشارع متصف بالصحة لا غير، بمعنى أنه بحيث لو أتى به المكلف على ما اخترعه الشارع يكون موجبا للامتثال للأمر بالماهية من حيث هو أمر بالماهية، لكنهم اختلفوا هذا الاختلاف بوجهين:
أحدهما: أن نقول إذا وضع الشارع أسماء لهذه المركبات أو استعمل فيها بمناسبة فهو يريد تلك الماهية على الوجه الصحيح بالمعنى المذكور من الحيثية المذكورة، وهذا القدر متيقن الإرادة، ولكنه لما كان الماهية عبارة عن المركب عن الأجزاء بأجمعها من دون مدخلية الشرائط، والشرائط خارجة عنها، ولا مانع من وضع اللفظ بإزاء الماهية مع قطع النظر عن كونها جامعة للشرائط، ولا من وضعه بإزاء الماهية مع ملاحظة اجتماعها لشرائط الصحة.
فاختلفوا في أن الألفاظ هل هي موضوعة للماهية مع اجتماع الشرائط، أو الماهية المطلقة. انتهى (1).
وصريح هذه العبارة يعطي كون النزاع في مرتبة التسمية بعد إحراز الصحة في مرتبة الاختراع، لكن لا يذهب عليك إن الصحة التي التزم بها في تلك المرتبة هو صحة الماهية باعتبار الأجزاء فقط، على معنى عدم كون الشرائط مما أخذ معها بالتمام في هذه المرتبة، لمكان قوله: " الماهية عبارة عن المركب عن الأجزاء بأجمعها من دون مدخلية الشرائط والشرائط خارجة عنها ".
وبهذا يظهر وجه الحيثية التي أخذها في معنى صحة الماهية وتفسيرها، فإن صحة الماهية بحسب الأجزاء لا تنافي فسادها باعتبار الإخلال في الشرائط الخارجة عنها المعتبرة معها في المأمور به.
وعليه فما أورده عليه الفاضل المتقدم ذكره في جملة اعتراضاته عليه، بقوله: