بسم الله الرحمن الرحيم - تعليقة - اعلم أن الأصوليين وضعوا أمورا يرجع إليها لتشخيص موارد ثبوت الوضع عن موارد انتفائه وتمييز الحقائق عن المجازات، وسموها بعلامات الوضع وأمارات الحقيقة والمجاز، وإن اختلفت في كون بعضها مما اتفقوا على كونه أمارة، لاتفاقهم فيه على الملازمة بينه وبين الوضع ثبوتا وانتفاء، وكون البعض الآخر مما اختلفوا في كونه أمارة وعدمه، من جهة الاختلاف في الملازمة وعدمها، وينبغي قبل الخوض في بيانها التنبيه على عدة أمور مهمة، لما في معرفتها من رفع بعض الاشتباهات الحاصلة في بعض الأمارات، ودفع بعض الاعتراضات الواردة على بعضها الآخر، وتأسيس ما يكون ضابطا كليا لمعرفة ما يصلح كونه أمارة وما لا يصلح له.
الأمر الأول: إنه ينبغي أن يعلم أن أمارات الحقيقة والمجاز المعمولة في باب إثبات الوضع ونفيه ليس حالها كحال الأمارات الشرعية المعمولة في الموضوعات الخارجية تعبدا من الشارع، فإن الأمارات الشرعية كالبينة وقول العدل الواحد، وقول ذي اليد، ويد المسلم وفعله وسوقه، أمور اعتبر فيها الشارع نحو موضوعية، حيث ليس غرضه من اعتبارها مجرد إدراك الواقع والوصول إليه، وإلا استحال اعتباره لها إلا على تقدير دوام مصادفتها الواقع. وقد علمنا خلافه ضرورة، بل الغرض من اعتبارها ترتيب آثار الواقع، وإجراء أحكامه على ما هي قائمة عليه