كالأعمي، ولا يلائمه كون مبنى الفرق على ما توهم، إذ لو أريد به كونه كذلك في نظر الصحيحي فمن مذهبه عدم الفرق بين الأركان وغيرها في تقويم الماهية، على معنى كون الجزء كائنا ما كان ولو غير ركني مقوما لها داخلا في المسمى، بحيث يلزم من انتفائه الانتفاء، فلو كان مبنى الفرق على ما ذكر يلزم كون الصحيحي منكرا للانقسام والفرق المذكورين. وهذا كما ترى.
ولو أريد به كونه كذلك في نظر الأعمي، يرد عليه: انتقاضه في طرده وعكسه.
أما الأول: فلقضائه بكون ما اقتصر فيه المكلف على مجرد الأركان من دون انضمام شيء من غيرها إليها صلاة على وجه الحقيقة، بحيث لم يصح سلب الاسم عنها بعد الاطلاع على حقيقة الحال.
وأما الثاني: فلقضائه بعدم كون صلاة المرائي، وصلاة من يخل بالقيام المتصل بالركوع، ومن لا يمتاز ركوعه عن قيامه كما يشاهد من الأعراب، صلاة على وجه الحقيقة، ولا نظن إن الأعمي يلتزم بشيء من ذلك، بل المعلوم من طريقته خلافه، وإنما مبنى الفرق على شيء آخر وهو أن الجزء قد يكون معتبرا في حق نوع المكلف، أعم من المختار والمضطر، وقد يكون معتبرا في حق صنفه وهو المختار، والركن وغيره اصطلاح عن هذا الفرق، فلذا لا يتفاوت الحال في الركن بين حالتي العمد والسهو، نظرا إلى أن السهو والنسيان من جهات الاضطرار، وإنما لا يخل السهو في غير الركن بالصحة لعدم كونه جزءا في حق الساهي، وإنما يخل النقيصة والزيادة في الركن مطلقا لابتنائه على كون الحركة بفعله مرة والسكون عما زاد مما اعتبر كل منهما جزءا، وكذا في غير الركن للعامد.
وقد ينقسم أجزاء العبادة أيضا إلى الواجبة والمسنونة، فمن المسنونة قنوت الصلاة، والأولى من صيغتي التسليم، بل التسليم نفسه على القول باستحبابه، والأذان والإقامة ومضمضة الوضوء والغسل واستنشاقهما وغسل اليدين من الزندين في الأول، وكذا في الثاني منه أو من نصف الذراع، أو من المرفقين على اختلاف الروايات.