وثانيا: إن الممتنع وقوع الأمر العدمي مؤثرا في الوجودي، والمقصود من الأمارة إنما هو الأخذ به معرفا، ولذا يكون الاستدلال بها على الوضع أو عدمه إنيا، فلأن العدم على تقدير احتياجه إلى العلة يكفي فيه انتفاء علة الوجود، ولما كان علة التبادر هو الوضع فيكون علة عدمه انتفاء الوضع، فالكشف فيه كالتبادر إني فيكون واسطة في الإثبات ولا مانع منه.
وثالثا: منع كون المجازية المطلوبة من عدم التبادر أمرا وجوديا، فإن الشبهة فيها راجعة إلى وجود الوضع وانتفائه، وإذا كان التبادر علامة لوجود الوضع فيقابله عدمه في كونه علامة لانتفاء الوضع هذا كله فيما يتعلق بالملازمة وذيهما من الوضع وانتفائه.
وأما ما يتعلق من المباحث بإحراز الملزوم، الذي مرجعه إلى إحراز الصغرى الذي لولاه لا يتم الاستدلال على المطلب من وضع أو انتفائه.
فنقول: إن هاهنا مناقشة معروفة ترجع في الحقيقة إلى مقام إحراز الملزوم، وهي أن التبادر علامة دورية، فإن فهم المعنى من اللفظ في الدلالة الوضعية موقوف على العلم بالوضع، فلو كان العلم بالوضع موقوفا على فهم المعنى كما ذكرتم لزم الدور، ومرجعه إلى أن التبادر المتوقف على العلم بالوضع في محل توقف العلم بالوضع عليه مما لا يمكن إحرازه.
وقد تقدم منا في مفتتح باب الأمارات ما يدفعها في جميع شقوق المسألة، من كون الناظر في الأمارة جاهلا ساذجا أو جاهلا مشوبا، لعلمه بالمعنى الموضوع له في الجملة أو إجمالا، والعلامة في الأولين تبادر العالمين بالوضع كما علم من تضاعيف المسألة أيضا.
وفي الأخير يجوز كونها تبادر العالمين أيضا، أو تبادر الناظر نفسه ما لم يكن جهله في مقام التفصيل ساريا إلى علمه الإجمالي المتعلق بماهية الموضوع له باعتبار صورته النوعية، ولا دور على التقديرين.
أما على الأول: فواضح، وأما على الثاني فلتغاير طرفي التوقف بالإجمال