غير واحد من الأواخر - كبعض الأفاضل (1) حيث عرفها: " باللفظ المستعمل في المعاني الشرعية الموضوع لها في عهد صاحب الشريعة " وبعض الفضلاء (2) فعرفها: " بالكلمة المستعملة في معناها الشرعي بوضع شرعي ".
وهذا كله كما ترى كلفة لا حاجة إلى ارتكابها، مع ما في نحو هذه التعاريف من الإطناب وغيره من الحززات الغير المستحسنة في مقام التعريف.
ولعل ما ذكرناه من كفاية النسبة المستفادة من أداة النسبة في تعريف الصنف هو السر في خلو كلام أوائل الأصوليين عن التعرض لتعريفها بالخصوص بنحو ما عرفت، ثم تحقيق المسألة يستدعي رسم أمور:
الأمر الأول: في أن " الشارع " بحسب أصل اللغة جاعل الشرع وواضعه، وهو محدث الطريقة ومخترعها، ويرشد إليه النص اللغوي كما عن الجوهري في تفسيره شرع: بسن الأمر، الظاهر في الجعل والاختراع، كما فهمه المحققون ونطق به الأخبار كما في الحديث: " من سن سنة حسنة فله مثل أجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فله مثل وزر من عمل بها ".
وقد غلب في عرف الفقهاء والأصوليين على ما يرشد إليه إطلاقاتهم الواردة في الكتب الفقهية والأصولية على الله عز وجل، فإن قولهم: الشارع حكم بكذا، وإن الأحكام التكليفية مجعولات للشارع، وإن الوضعيات ليست من مجعولات الشارع، وإن المعاني الشرعية ماهيات اخترعها الشارع، وإن المعاملة الفلانية مما أمضاه الشارع إلى غير ذلك مما لا يعد ولا يحصى، لا يراد منه بل لا يفهم منه إلا الله سبحانه، كما يدركه المنصف ومن أنكره فهو مكابر وجدانه.
لكن الكلام في أن التغليب المذكور هل من باب النقل إليه تعالى باعتبار وصف الشارعية، على معنى كون الوصف مأخوذا في كل من المنقول منه والمنقول إليه إلا أنه في الأول على الوجه الكلي وفي الثاني على الوجه الجزئي،