ومما يؤيده ما ذكرنا بل يكشف عن عدم الجواز عدم معهودية نحو هذا الاستعمال من العرب في نثر ولا نظم، ولا من الشارع في كتاب ولا سنة.
والمناقشة في ذلك: بأن عدم الوجدان لا يقضي بعدم الوجود، تندفع: بأن عدم الوجدان بعد الاستقراء التام يدل على عدم الوجود كيف ولم ينقله أحد من أئمة اللغة عن الفصحاء والبلغاء ولا غيرهم من أولي البصائر في كلام العرب وأشعارهم وقصائدهم، حتى أن المجوزين له مطلقا لم يأتوا لذلك بشاهد ولا مثال محقق كونه من هذا الباب.
نعم ربما ادعي ذلك في قوله عز من قائل: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آبائكم﴾ (١) بتخيل كون المراد بالنكاح العقد والوطء معا، وفي قوله: ﴿أو لمستم النساء﴾ (٢) بتوهم كون المراد الجماع واللمس باليد معا، وقوله: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾ (٣) وقوله: ﴿إن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس﴾ (4) مع ما في الكل من مناقشات عديدة عمدتها منع الاشتراك، ثم منع الاستعمال في أكثر من معنى، فلو جاز نحو هذا الاستعمال لوقع لمسيس الحاجة إليه كثير، ولو وقع لنقل لتوفر الدواعي إليه.
واستدل أيضا بوجوه أخر غير تامة:
منها: الحجة المعروفة التي قررها في النهاية (5) والمنية وغيرهما، بأن اللفظ المشترك بين المعنيين أو المعاني إما أن يكون موضوعا للمجموع أيضا أو لا، فإن كان الأول فإن أريد به المجموع فقط كان مستعملا في بعض معانيه دون الجميع ولا كلام فيه.
وإن أريد مع ذلك كل واحد أيضا لزم التناقض، لأن إرادة كل واحد يقتضي