فالمتجه حينئذ هو الوقف لفقد ما يصلح للترجيح، من غير فرق في ذلك بين ما لو عارضهما اشتراك لفظي أو لا، إذ غاية ما هنالك حينئذ إنه ينفى الاشتراك اللفظي بأصالة عدم تعدد الوضع وغلبة الاشتراك المعنوي مع المجاز، وتبقى التعارض بعد بين الأولين.
وبما نبهنا عليه ينقدح الحال فيما لو كان الاشتراك المعنوي بحيث عارضه الاشتراك اللفظي لا غير، إذ لا ينبغي التأمل حينئذ في ترجيح الأول لعين ما يرجح المجاز على الثاني، من أصالة عدم تعدد الوضع، وغلبة الاشتراك المعنوي بالقياس إلى اللفظي.
فتقرر بجميع ما ذكر من البداية إلى تلك النهاية حال المسائل الست المتقدمة، من حيث كون البناء فيها على الترجيح في ثلاث منها، وهي المسألة الأولى والرابعة والخامسة، أما الأولى فلأصالة الحقيقة بالمعنى الأخص، وأما الثانية والثالثة فلما مر من الأصل والغلبة وأصالة المجاز بالمعنى الأخص، والوقف في الثلاث الباقية، وهي الثانية والثالثة والسادسة لفقد المرجح.
المقام الثالث: في غلبة الاستعمال التي صار جماعة إلى دلالتها على الحقيقة، والظاهر أنه كذلك لملازمة عرفية مضافة إلى الملازمة الغالبية، بناء على أن الغالب في الألفاظ غلبة استعمالها في معانيها الحقيقية وندرة استعمالها في معانيها المجازية.
وما تقدم عن ابن جني من دعوى غلبة الاستعمالات المجازية في الألفاظ الموضوعة مما ينبغي القطع بفساده، فلا يرد أن الاستعمال إذا كان أعم من الحقيقة فلا يخرجه الغلبة عن كونه أعم.
المقام الرابع: في أصالة الحقيقة بالمعنى المشخص للمراد، وتفصيل القول فيه يستدعي التكلم في جهات:
الجهة الأولى: فيما يرجع إليه موضوعا.