الضابط المذكور -: إن الاشتقاق أن يؤخذ من اللفظ الموضوع ما يوازن هيئة موضوعة في اللغة، وبحسبه تعريف المشتق وهو: إنه اللفظ المأخوذ من لفظ موضوع بوزان هيئة موضوعة في اللغة.
ثم إن الكلام في هذا البيان يتم برسم مباحث:
المبحث الأول: في تحقيق الحال في مبدأ الاشتقاق المعتبر في الأفعال وغيرها مما يكون مبادئها من المعاني الحدثية.
وهذا البحث وإن كان من جزئيات فن الصرف، إلا أنه من مبادئ أصول الفقه وليس مقررا في محله على ما ينبغي، ليؤخذ به ها هنا كغيره من مسائل الصرف ومسائل النحو من باب أخذ المسلمات.
فنقول: في كون الأصل هو المصدر والفعل فرع عليه أو العكس خلاف معروف وقع بين البصريين والكوفيين من أهل العربية، ولكل من الفريقين أدلة واهية غير ناهضة على مطلوبهم.
حيث إن الفريق الأول استدلوا أولا: بأن مفهوم المصدر واحد لأنه يدل على الحدث لا غير، ومدلول الفعل متعدد لدلالة على الحدث والزمان، والواحد قبل المتعدد وأصل له.
وثانيا: بأن المصدر اسم، والاسم مستغن عن الفعل وهو غير مستغن عنه، وما هو مستغن أصل.
وثالثا: بأن المصدر إنما يسمى مصدرا لصدور الفعل عنه، وهو في اللغة موضع يخرج منه الإبل فيكون الفعل فرعا عليه.
ورابعا: بأن المصدر لو اشتق من الفعل لوجب أن يدل على أكثر مما يدل عليه الفعل، لوجوب زيادة المشتق على المشتق منه، وهو أنقص منه لعدم دلالته على الزمان.
والفريق الثاني استدلوا أولا: بأن إعلال المصدر يدور مدار إعلال الفعل وجودا وعدما، فإنه يعل حيث عل فعله، ولم يعل إذا لم يعل فعله.