والاعتباري منه وهو أصالة العدم يساعد على القول بالأعم أيضا، لأن الأصل عدم تعرض الواضع لأخذ الهيئة الاجتماعية الخاصة جزءا في الموضوع له.
نعم يبقى الكلام في اعتباره في نظائر المقام، وهو محل إشكال.
احتج أهل القول بالصحيحة بوجوه كثيرة، كلها ضعيفة:
منها: التبادر، فإنك إذا قلت: " صليت، أو صمت، أو توضأت، أو اغتسلت " لا يتبادر منها إلا الصحيحة.
وأضاف إليه بعض الأفاضل، قوله: " ومما يوضح ذلك إن المتشرعة إنما يحكمون بكون الصلاة وغيرها من الألفاظ المذكورة عبارة عن الأمور الراجحة والعبادات المطلوبة لله تعالى، ولا يجعلونها أسامي لما يعم الطاعة والمعصية إلى آخره " (1).
ويزيفه: إن الصحيحة المتبادرة إن أريد بها مفهوم الصحيحة فهو واضح الفساد، مع قضاء ضرورة عرف المتشرعة بعدم مرادفة لفظ " الصحيحة " لألفاظ العبادات.
وإن أريد بها مصداق الصحيحة، فدعوى تبادرها يناقض الاعتراف بالإجمال في ألفاظ العبادات لجهالة تمام حقيقة المسمى بعدم معلومية تمام الأجزاء والشرائط المعتبرة فيه، فإن تبادر المعنى - إن أريد به تبادر الناظر فيه لاستعلام الوضع، كالعلم به إن أريد به تبادر المتشرعة - مسبوق بالعلم بذات المعنى أو مستلزم له، وهو لا يجامع الإجمال باعتبار المفهوم.
وإلى ذلك يرجع ما قيل - في دفع الاستدلال -: من أن التمسك بأمثال هذه الأمارات ليس من وظيفة الصحيحي، من جهة ما تقرر عندهم كما صرحوا به من أ نها أمور توقيفية متلقاة من صاحب الشرع، لا تصح الرجوع فيها إلى عرف ولا عادة.