ولا يمكن الأخذ بالظهورين للزوم وجوب الوفاء بالعقود الجائزة، فلابد من طرح أحد الظهورين، فيتعارض ظهور الصيغة في الوجوب والعام في العموم، وهو الذي يعبر عنه بتعارض المجاز والتخصيص، ونحوه الكلام في قوله: ﴿فاستبقوا الخيرات﴾ (1). ولتعارض الظهورين صور كثيرة، باعتبار ظهور لفظ غير عام ولا مطلق في معناه الحقيقي، وظهور العام في العموم، وظهور المطلق في الإطلاق، وظهور الهيئة التركيبية الكلامية في عدم حذف شيء من أجزائها، وظهور الخطاب في دوام الحكم واستمراره، وصور التعارض بين هذه الظهورات الخمس الذي يعبر عنه بالتعارض بين كل واحد من المجاز والتخصيص والتقييد والإضمار والنسخ مع الآخر، عشرة.
وهذه الأحوال هي التي يعبر عن تعارض بعضها بعضا بتعارض الأحوال.
والضابط الكلي في تعارض الظواهر بعضها بعضا على وجه يشمل العشرة المذكورة وغيرها، أن يرد في كلام المتكلم ظاهران قام قرينة معتبرة على تصرف المتكلم في أحدهما وخروجه عن ظهوره لا بعينه، فيتعارضان حينئذ باشتباه محل هذا التصرف.
وقد يذكر من الأحوال المتعارضة الاشتراك والنقل، بل في جملة من كتب الأصول الاقتصار عليهما مع المجاز والتخصيص والإضمار، وعليه فصور التعارض بعد انضمام الاشتراك والنقل إلى الخمس المتقدمة ترتقى إلى أحد وعشرين، كما يظهر بأدنى تأمل.
ثم الظاهر أن المجاز المقابل للاشتراك والنقل في باب تعارض الأحوال لا يراد منه كون اللفظ مجازا في أحد المعنيين فصاعدا، قبالا لكونه مشتركا بينهما، لدخول ذلك في عنوان مسألة أخرى تقدم البحث عنها ونقل الخلاف فيها بين السيد والمشهور، من حيث كون الأصل هو الاشتراك أو المجاز، بل المراد به