يدفعه: قضاء الوجدان بأنه لقصور المعنيين عن الانفهام حال الانضمام لا لقصور اللفظ، فإنه لوجود المقتضي معه مستعد للدلالة عليهما مع الانضمام، وإنما لا يدل عليهما فعلا لجريان العادة بأن يراد من المشترك واحد من معانيه بعينه أو لغلبة ذلك فيه.
وهذا هو الباعث على قصور المعنيين عن الانفهام من اللفظ مع الانضمام، فما ذكره المحقق السلطان بحسب ظاهر النظر هو الصحيح والصواب، فقيد " الوحدة " كما أنه ليس من أجزاء الموضوع له ولا من مشخصاته فكذلك ليس من مخصصات الوضع.
المقدمة الرابعة: في تحقيق حال المثنى والمجموع وضعا واستعمالا.
فنقول: إن كلا منهما يرد في الاستعمال على وجوه:
أحدها: أن يراد به فردان أو أفراد من ماهية واحدة هي معنى المفرد، كرجلان ومسلمون رفعا، ورجلين ومسلمين نصبا وجرا.
وثانيها: أن يراد بهما شيئان في الاسم أو أشياء متفقات في الاسم وإن لم يتفقا أو لم تتفق في المعنى، بعدم كونهما فردين أو أفرادا من ماهية واحدة، كزيدان وزيدون رفعا، وزيدين بالفتح والكسر نصبا وجرا.
وثالثها: أن يراد بهما شيئان مختلفان في الاسم والمعنى، بعدم كونهما مسميين باسم المفرد ولا فردين من مسماه، ك " قمران " و " قمرين " لمسمى القمر والشمس لبنائه على الاستعارة بالنسبة إلى مسمى الشمس لمشابهتهما في الضوء والإنارة.
وقد نقل عن أهل العربية خلاف فيهما باعتبار المعنى، فعن الأكثرين منهم القول بالحقيقية في الأول خاصة، ووافقهم جماعة من الأعلام من الأصوليين.
وعن جماعة المصير إلى كونهما لما يعم الأول والثاني، أعني كونهما بحسب الوضع لشيئين أو أشياء متفقة في الاسم فقط، سواء اتفقت في المعنى أيضا بكونهما فردين أو أفرادا من ماهية واحدة أو لا، وعبروا عنه بكفاية الاتفاق في اللفظ فيهما ولا حاجة معه إلى الاتفاق في المعنى أيضا.