على أوزان المصدر المجرد وهو لمعنى المصدر المزيد فيه كغسل ووضوء، فهو اسم مصدر وإلا فهو مصدر، فإن ذلك يعطي كون الفرق بينهما لمجرد اللفظ، فاسم المصدر لفظ كان على أحد الأمور الثلاث من المعرفة أو البدئة بميم زائدة أو موازنة المصادر المجردة، والمصدر لفظ تجرد عن جميع هذه الأمور مع اشتراكهما في المعنى من حيث الدلالة على الحدث.
وهو باطل جدا، مع عدم اطراده في جميع أسماء المصادر، فإن " الظهر " مع إنه اسم مصدر بنص أئمة اللغة لا يندرج في شيء من الأقسام الثلاثة، وكذلك " الستر " بالكسر الذي مصدره الستر بالفتح، مع ما قيل: من أن المبدو بميم زائدة لغير المفاعلة مصدر يسمى المصدر الميمي، وإنما سموه أحيانا اسم مصدر تجوزا.
ومنها: فعلا الماضي والمضارع، واعلم: أنه ذكر جماعة من الأصوليين إن فعل الماضي موضوع الدلالة على قيام حدث مخصوص بفاعل ما في الزمان الماضي، فاستعماله فيما تجرد عن الزمان - كما في صيغ العقود - أو فيما اقترن بزمان غير ماض مجاز، كما أن استعماله في حدث غير ما هو مبدئه مجاز، وفعل المضارع موضوع للدلالة على قيام حدث مخصوص بفاعل ما في زمان الحال - كما رجحناه في مباحث الاستعمال - أو الاستقبال فقط في قول، أو فيهما على الاشتراك لفظا أو معنى في قولين آخرين، اختار ثانيهما بعض الفضلاء، فاستعماله فيما اقترن بزمان ماض أو تجرد عن الزمان مطلقا - كما في الإنشاء في وجه - مجاز، وهذا لا يخلو عن اجمال وإشكال.
أما الأول: فلأن المعنى المذكور للفعلين ينحل عند التحليل إلى أمور خمس:
الحدث، والذات المبهمة، والزمان المعين، ونسبة الحدث إلى الذات المبهمة من حيث وقوعه منها، ونسبته إلى الزمان المعين من حيث وقوعه فيه، ولا يدرى أن المأخوذ في وضع الفعل هل هو جميع هذه الأمور أو بعضها؟ وإنه على الثاني أيها داخل في الوضع ليكون الدلالة عليه مطابقة أو تضمنا، وأيها خارج عنه ليكون الدلالة التزاما؟