ثم ينبغي أن يعلم أن العبرة في الاتحاد المأخوذ في مجرى هذا الأصل بما هو في نظر الجاهل لا ما هو بحسب الواقع، ولا يعتبر فيه ظهور عدم التعدد بل يكفي عدم ظهوره، وهو على تقدير الاستناد إلى الاستقراء أعم من الحقيقي والحكمي، كما لو استعمل اللفظ في معاني متعددة علم بمجازية غير الواحد منها، غير أن المسألة معه من باب الدوران بين المجاز بلا حقيقة والحقيقة مع المجاز، بعكس المسألة الثانية من الست المتقدمة، فمجموع المسائل مضافة إليها سبع.
ثم إن المستعمل فيه الواحد، ربما لا يندرج في معقد الأصل المذكور، كما إذا كان بحيث علم بعدم مناسبته لشيء من المعاني، أو علم بعدم ملاحظة مناسبته حين استعمالاته، أو كان اللفظ الواقع عليه بحيث علم قبل العثور عليه بالملازمة الشخصية بين وضعه واستعماله، على معنى العلم من جهة الخارج بأنه وضع لمعنى لم يقع استعماله الخارجي إلا عليه، فلا حاجة في هذه الفروض إلى النظر في الأصل، لانكشاف الحقيقية الواقعية فيها من غير جهته.
وأما أصالة الحقيقة بالمعنى الأعم: فقد اتضح الدليل على أحد فرديها، وهو المعنى الأخص منها.
وأما هي في فردها الآخر المختص بمتكثر المعنى، فقد أستدل عليها بوجوه:
منها: الاستعمال بالتقرير المتقدم عن السيد، من أن استعمال اللفظ في المعنيين فما زاد ليس إلا كاستعماله في المعنى الواحد في الدلالة على الحقيقة.
وفيه أولا: منع الحكم في المقيس عليه بالسند المتقدم بما لا مزيد عليه، فإن الاستعمال بنفسه قاصر عن إفادة شيء من الحقيقة والمجاز، لكونه حقيقة جنسية لا يعقل معينة لأحد أنواعها.
وثانيا: وجود الفارق، فإن لوحدة المعنى المستعمل فيه مدخلية في الحكم، إما لأنها السبب التام أو كونها جزءا للسبب، على أن يكون السبب مركبا منها ومن الاستعمال، وأيا ما كان فالمقايسة باطلة، لانتفاء السبب أو جزئه في المقيس.
وأما ما قيل في تتميم الاستدلال به من مقايسة استعمال اللفظ على حمل