ففيه: ما فيه ويجري فيه جميع ما تقدم في دفع الإجماع المستدل به على حجية قول اللغوي فراجع وتأمل، مع توجه المنع إلى دعوى الانهدام بعدما عرفت من غلبة اتفاق العلم فيه.
ولو سلم فالإعتداد به في الأمور المتسامح فيها صون لها عن الانهدام، وإن لم يعمل بالظني منه في الأمور الشرعية.
ولو سلم فيتوجه المنع إلى دعوى انهدام الشريعة بالمرة بعدما بينا من جواز البناء على الظني منه حين الاضطرار إليه، من جهة الاضطرار إلى العمل بمطلق الظن فيها، وهذا ليس من الحجية بالمعنى المبحوث عنه كما عرفت ثمة.
عاشرها: القياس، الذي اعتمد عليه بعض الناس إذا كان بين الأصل والفرع جامع يصلح للعلية، وخالفه الجمهور وأصحابنا كافة بمنع العمل به في اللغات، وهو أن يوجد اللفظ مستعملا في مورد على وجه الحقيقة لوجود وصف فيه بحيث لو لم يوجد فيه ذلك الوصف أو وجد فارتفع لم يقع الاستعمال، وقد يعبر عنه " بالدوران " لكون التسمية وجودا وعدما تدور مع الوصف الموجود في المسمى وجودا وعدما، حيث لا تسمية قبل وجوده كما لا تسمية بعد زواله، فينهض ذلك دليلا على وضع اللفظ لكل ما وجد فيه ذلك الوصف، وذلك كما في " الخمر " المستعمل في المتخذ من العنب باعتبار وصف الإسكار، حيث لا يطلق على ما لم يلحقه الإسكار لكونه عصيرا، كما لا يطلق على ما ارتفع عنه الوصف بعدما لحقه، كما إذا انقلب خلا فيقال: بأنه موضوع لكل ما فيه الإسكار فكل من الفقاع والفضيح والنقيع وغيرهما من الأنبذة خمر على وجه الحقيقة، وكذا الكلام في تسمية " اللائط " زانيا و " النباش " سارقا لجامع الإيلاج المحرم في الأول، والأخذ بالخفية في الثاني، بناء على ضابطة الدوران المفيد للعلية.
وطريق دفعه تارة: بمنع الكبرى كما في كلام غير واحد، وملخصه: منع التعويل على نحو هذا الظن في اللغات، حيث لا دليل عليه بل الدليل على خلافه.
وأخرى: بمنع الصغرى، على معنى منع إفادة الدوران علم العلية ولا ظنها