وهو الكلام النفساني الذي يدل عليه الحروف والأصوات بذاته تعالى، والخلق ليس هو المخلوق بل التعلق الحاصل بينه وبين القدرة حالة الإيجاد، وحيث إن هذا التعلق ينسب إليه تعالى صدق عليه لفظ " الخالق " فإن هذه الدعاوى بأجمعها مردودة على مدعيها.
نعم الاحتجاج بصدق " العالم " و " القادر " عليه تعالى على الوجه المتقدم ليس على ما ينبغي، لأن وجه إطلاق هذين اللفظين عليه تعالى ليس وجه إطلاق المشتق على الذات المتصفة بمبدئه كما في " زيد العالم " إذ ليس ها هنا ذات وصفة زائدة عليها بل هو ذات بسيط يعبر عنه " بالعالم " لأنه في محل العلم يصدر منه شغل العالم، وفي محل القدرة يصدر منه شغل القادر، كما إنه في محل البصر يصدر منه شغل ذي البصر فيطلق عليه البصير وفي محل السمع يصدر منه شغل السميع وهكذا، فهذه الإطلاقات في الحقيقة ليست على حقائقها، بل إنما يؤتى لمجرد التعبير عن الذات الملحوظة على الوجه المذكور في مقام الإفادة والاستفادة من جهة ضيق العبارة وعدم وجود لفظ لغوي وضع لنحو هذا التعبير، وربما التزم في نحو هذه الألفاظ بوقوع النقل فيها بالنسبة إليه تعالى، ولهذا لا تصدق في حق غيره تعالى.
الثالثة: اختلفوا في اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق، فيكون مجازا فيما انقضى عنه المبدأ وعدمه، فيكون حقيقة فيما انقضى، وتنقيح المطلب يتم برسم أمور:
الأول: في ضبط مستعملات المشتق حسبما وقع أو يمكن أن يقع في الخارج وتشخيص حقائقها عن مجازاتها، ليحرر به ما هو محل النزاع منها.
فنقول: إن الحقيقة والمجاز قد يلحقانه باعتبار مادته، كما لو استعمل " القاتل " في الذات المتصفة بالقتل أو بالضرب الشديد، فإن الأول حقيقة والثاني مجاز، ونحوه " العالم " إذا استعمل في ذي الملكة فإنه مجاز باعتبار المادة فقط، إذا فرض وجود الملكة حال النسبة والاتصاف وإن كان الإدراك في الماضي أو المستقبل،