وعن قوم كما في النهاية (1) والمنية (2) وغيرهما، وجوبه. وعن آخرين، امتناعه.
والمراد بالوجوب أو الامتناع وإن كان لزوم الوقوع ولزوم عدم الوقوع، أي ضرورة جانب الوجود وضرورة جانب العدم، إلا أنه لا يراد بهما عند قائليهما ما يكون ذاتيا، أي من مقتضى ذات الاشتراك كما في وجود الواجب تعالى، وامتناع شريك الباري، بل ما يكون عارضيا عرضه أحدهما لجهة خارجية من اقتضاء حكمة الواضع، أو المنافاة لحكمته أو نحو ذلك، بحيث لولاها لثبت الإمكان على معنى تساوي الطرفين، وعدم رجحان أحدهما على الآخر بالنظر إلى ذات الاشتراك.
ومن هنا ظهر أن إثبات الإمكان بعد نفي الوجوب والامتناع بإبطال أدلتهما مما لا حاجة له إلى دليل ولا إقامة برهان، بل يكفي فيه مجرد عدم ثبوت الوجوب والامتناع على ما هو الأصل المتفق عليه، الموافق لبناء العقلاء وقضاء القوة العاقلة.
وكيف كان: فاحتج أصحاب القولين بأدلة مدخولة، مثل ما عن القائلين بالوجوب.
تارة: بأن الألفاظ متناهية، والمعاني غير متناهية، ولا ريب أن المتناهي إذا وزع على غير المتناهي يتولد منه الاشتراك.
وأخرى: بأن الألفاظ العامة " كالموجود " و " الشئ " ضرورية في اللغات، وقد ثبت أن وجود كل شيء نفس ماهيته، فيكون وجود كل شيء مخالفا لغيره، فيكون قول الموجود عليها بالاشتراك.
وما عن القائلين بالامتناع، تارة: بأن الاشتراك موجب للإجمال، وهو موجب لفوات الغرض من وضع الألفاظ وهو الإفهام، فإنه غير حاصل مع الإجمال.