غلبة المطابقة بين العرف واللغة، وإن النادر مما لا يلتفت إليه في محل الشك، وهذا بمجرده لا يقضي باستقرار طريقتهم على تقديم العرف في محل تبين المخالفة كما لا يخفى.
ودعوى استقرارها على حمل الخطاب على متعارفهم حتى مع تبين المخالفة، مما لم نقف على شاهد عليه كما لا يخفى، وبجميع ما عرفت يظهر لك ضعف مستند الوقف.
المسألة الثانية تعارض عرفي المتكلم والمخاطب المعبر عنه تارة بتعارض عرفي الراوي والمروي عنه. وأخرى بتعارض عرفي السائل والمسؤول، كما في لفظ ثبت له معنى عند طائفة من أهل اللسان ومعنى آخر عند طائفة أخرى، ووقع المخاطبة به بين متكلم هو من إحدى الطائفتين ومخاطب هو من الطائفة الأخرى، ومثل في الكتب الأصولية " بالرطل " الوارد في رواية ابن أبي عمير (1) الواردة في تحديد الكر بألف ومائتي رطل، باعتبار أن " الرطل " مقول بالاشتراك على العراقي وهو مائة وثلاثون درهما، والمدني وهو مائة وخمسة وتسعون درهما، مع وقوع التخاطب به في الرواية بين أبي عبد الله (عليه السلام) الذي هو من أهل المدينة، وابن أبي عمير الذي هو من أهل الكوفة، فيتعارض فيه العرفان.
وفي كون هذا التعارض باعتبار دوران اللفظ بين حقيقته ومجازه، بتقريب: إن حقيقة اللفظ الذي استعمله المتكلم إنما هو مصطلحه لأنه معناه الموضوع له عنده، بخلاف مصطلح المخاطب فإنه خلاف المعنى الموضوع له عنده فيكون مجازا للفظ المفروض، كما يقتضيه احتجاج بعض القائلين بترجيح عرف المتكلم بأن