وبما قررناه جميعا علم إن الأظهر - بل المقطوع به - هو القول بالأعم، والمعتمد من دليله مضافا إلى ما تبين من فساد أدلة القول بالصحيحة، وجوه:
الأول: التبادر القطعي المستند إلى حاق اللفظ، فإنه إذا سمعنا قائلا يقول:
فلان صلى أو صام أو حج أو نحو ذلك، يتبادر إلى أذهاننا من الصورة النوعية ما يتردد بين وظائف جميع المكلفين أو غير واحد منهم، حتى أنه لو أردنا استفصال ذلك المتبادر بالتأمل كان محتملا للكل، ولم يحصل الجزم بأحدها، ولولا أن اللفظ صالح بحسب وضعه لجميع هذه المحتملات لما كان المتبادر منه مترددا بين الجميع، وهذا معلوم بالوجدان، ومن ينكره فقد كابر وجدانه.
الثاني: إنا لا نعقل فرقا بين الماهيات الجعلية الشرعية في وقوع ألفاظها على كل زائد وناقص، وبين الماهيات الجعلية العرفية في وقوع ألفاظها على كل زائد وناقص منها، كلفظ " الدار " مثلا فإن العلم الضروري حاصل لكل ذي مسكة إنه يطلق عند العرف على ناقص الأجزاء نحو إطلاقها على زائدها بجميع مراتبها من دون شائبة تجوز ولا تأويل فيه، وكذلك لفظ " الصلاة " وغيرها، لا بمعنى أن هنا فرقا ولا يعقل، بل بمعنى أنه لا فرق ليعقل، وهذا آية كونها للقدر المشترك بين الزائد والناقص بالبيان المتقدم، كما هو الوجه في لفظ " الدار " وغيره.
الثالث: إنها لو كانت للصحيحة لزم من المحاذير ما يقضي ضرورة عرف المتشرعة بفساده.
فأولا: يلزم بالقياس إلى ما عدا المركب التام أن يلتزم إما بالاشتراك أو بالتجوز لعلاقة المشاكلة في الصورة، أو بالتأويل بنحو التنزيل حسبما تقدم، أو بالوضع الجديد من المتشرعة.
وثانيا: يلزم في نحو قول القائل: " صلاة زيد صحيحة، وصلاة عمرو فاسدة " فهم التكرار في الأول وفهم التناقض في الثاني، أو ابتناء القول على ارتكاب تجريد في موضوع القضية.
وثالثا: يلزم عدم صحة الإخبار عن العبادات بشيء، ولا الإخبار عن شيء