سادسها: في صحة السلب وعدمها، فإن الأول علامة للمجاز كما أن الثاني علامة للحقيقة، والمراد بهما صحة سلب اللفظ باعتبار ما سمي به وضعا وما يفهم منه عرفا أو عدمها عن المورد، ومجراهما، ما لو استعمل اللفظ فيما يشك كونه مسماه الوضعي ومفهومه العرفي، أو أطلق على ما يشك كونه فردا لمسماه العرفي ومفهومه الوضعي، باعتبار الشك في كونه موضوعا لما يشمل ذلك الفرد أو لما لا يشمله حتى يكون الإطلاق مجازيا، وطريق إعمالهما أن يؤخذ قضية سلبية موضوعها المعنى المشكوك فيه ومحمولها اللفظ باعتبار مسماه الوضعي ومفهومه العرفي، ثم ينظر في صدقها وكذبها بمراجعة النفس بعد التخلية التامة، كما لو كان الناظر فيهما جاهلا مشوبا باعتبار علمه الإجمالي، أو بمراجعة العرف وأهل اللسان، كما لو كان الناظر فيهما جاهلا ساذجا، أو مشوبا باعتبار علمه في الجملة.
لا يقال: استعلام حال الفرد بالأمارتين استعمال لهما في غير موضعها إذ ليس وضع الأمارات لتشخيص الفرد، وأيضا لو كان ما يفهم من اللفظ عرفا معلوما فهو بنفسه كاف في استعلام حال الفرد، أو لابد من مراجعة أهل الخبرة وإلا فلا يمكن الاستعلام بالأمارتين، لما قررناه سابقا من الفرق بين شبهة الفردية من باب الشك في المصداق وشبهة الفردية من باب الشك في الصدق، وإعمال الأمارة في الأول استعمال لها على خلاف وضعها بخلاف الثاني، فإن ما يفهم من اللفظ عرفا ربما كان معلوما بالإجمال فيقع الشك في تفصيله ببعض الجهات ويؤول ذلك الشك إلى شبهة الفردية التي لا رافع لها إلا زوال الشك المذكور، والمقصود من إعمال الأمارة هنا إزالة ذلك الشك المنتجة لرفع الشبهة، ولا ريب أنه استعمال لها على مقتضى وضعها.
نعم ربما يشكل الحال هاهنا في أمرين:
أحدهما: إن صحة السلب في جميع مواقعها يستلزم عدم صحة الحمل، كما أن عدم صحة السلب في جميع مواردها يستلزم صحة الحمل، فما وجه عدولهم عن أخذ صحة الحمل وعدمها أمارتين إلى صحة السلب وعدمها.