لها إلا على تقدير حصول الآثار المقصودة منها، من زوال قيد النكاح وعلاقة الزوجية، وزوال الرقية وانفكاك الملك، ولزوم ما ألزم على النفس عليها، فالفساد الذي يضاف إلى هذه الماهيات إنما هو حيث لم يحصل هذه الآثار، ومع عدم حصولها لا تحقق لأصل هذه الماهيات، ضرورة أن تحقق الإزالة بدون الزوال، والفك بدون الانفكاك، والإلزام بدون اللزوم، بحسب الخارج غير معقول، كما أن حقيقة الكسر بدون الانكسار والإيجاب بدون الوجوب والنقل بدون الانتقال غير معقولة، فهي بدون الصحة - على معنى انتفاء هذه الآثار - ليست بشيء في الخارج، لتكون من مسمى اللفظ أو نفس مسماه.
وعليه فلا يعقل فيها إلا الوضع للصحيحة، وإطلاقها على الفاسدة التي فسادها لأجل انتفاء أصل ماهية المسمى لا يصح هنا إلا لضرب من المجاز، كالمجاز بالمشارفة أو الاستعمال في القصد والإرادة تسمية للسبب باسم المسبب، إلى غير ذلك مما يتحمله المقام. فليتدبر.
المقدمة الثالثة: الصحة على ما يساعد عليه أمارات الحقيقة وكواشف الوضع، يطلق في العرف على الصفة المنتزعة عن الشئ باعتبار اشتماله على ما له دخل في ترتب الأثر المقصود منه عليه.
وبعبارة أخرى: كونه بحيث يترتب عليه ذلك الأثر، فإن كونه بهذه الحيثية صفة منتزعة عنه باعتبار اشتماله على ما له دخل في ترتب الأثر، فالصحيح هو ما له هذه الصفة والفساد في مقابله، وهو الصفة المنتزعة عن الشئ باعتبار عدم اشتماله على ما له دخل في ترتب الأثر عليه.
وفي عرف الفقهاء والأصوليين على الصفة المنتزعة عن الشئ باعتبار انطباقة على المأمور به واندراجه تحته، وهذه الصفة عند المتكلمين هي موافقة الأمر، وعند الفقهاء إسقاط القضاء، والظاهر إنهما متلازمان، فالاختلاف بين الفريقين كاللفظي، حيث إن أحد الفريقين عقد الاصطلاح في أحد المتلازمين والفريق الآخر في المتلازم الآخر.