فما يقال: من أن النسبة بينهما عموم وخصوص مطلقا ويظهر الثمرة بينهما في الصلاة بظن الطهارة، لعله ليس بشيء، ولتفصيل القول فيه محل آخر وانتظر له.
فالصحيح حينئذ ما له هذه الصفة، ويفسر بما يوافق الأمر تارة، وما أسقط القضاء أخرى، وفي مقابله الفاسد، والمراد بالصحة في المتنازع فيه إنما هو المعنى الأول، كما يفصح عنه ما في كلام جماعة من تفسير الصحيح بالماهية الجامعة لجميع ما له دخل في ترتب الأثر المقصود من الأجزاء والشرائط، أو الجامعة لجميع الأمور المعتبرة في المأمور به من الأجزاء والشرائط، أو الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط.
وأما الصحة بالمعنى الثاني فينبغي القطع بعدم إرادتها هنا، لأنها بهذا المعنى من عوارض الشخص ولوازم الوجود الخارجي.
والكلام في محل البحث إنما هو في كون الصحة مأخوذة في مسميات ألفاظ العبادات وعدمه، وظاهر أنها موضوعة لمسمياتها باعتبار مفاهيمها لا باعتبار وجوداتها، وإذا لم يكن الوجود مأخوذا فيها فما هو من لوازمه أولى بالعدم، وأيضا فإن الصحة بالمعنى المذكور من توابع الأمر.
ولا ريب أن مرتبة الأمر والطلب متأخرة عن مرتبتي التسمية والاختراع، والكلام في المسألة على ما عرفت راجع إما إلى مرتبة الاختراع أو إلى مرتبة التسمية، فلا يصح أن يؤخذ فيه من الصحة ما هو متأخر عنهما بحسب المرتبة، وأيضا فإن المسمى المأخوذ فيه الصحة - على القول بها - موضوع للأمر الذي ينتزع عنه الصحة بالمعنى الثاني، فلا يعقل كونها مأخوذة فيه، وإلا لزم تقدم الشئ على نفسه كما هو واضح.
نعم الصحة والفساد بهذا المعنى إنما أخذا محلا للبحث في مسألة النهي في العبادات، والنسبة بينهما بهذا المعنى المأخوذ في مسألة النهي وبينهما بالمعنى الأول المأخوذ في محل البحث عموم وخصوص مطلق، فإن الصحة بالمعنى المأخوذ في مسألة النهي أخص منها بالمعنى المأخوذ في محل البحث مطلقا.