وإذا لم يلزم ذلك فكذلك ما يلزم في العموم إذا خص بدليل متصل به أو منفصل إذا كان لفظا.
فان تعاطوا الفرق بين ذلك فكل شئ أوردوه في ذلك أمكننا ان نورد مثله فيما سئلنا عنه.
فاما ما به يصير العام خاصا: فهو قصد المخاطب لان اللفظ إذا كان موضوعا للاستغراق فإذا أراد استعماله فيها وضع له يحتاج أن يقصد إلى ذلك وكذلك إذا أراد أن يستعمله في بعض ما وضع له يحتاج إلى أن يقصد إلى ذلك وجرى ذلك مجرى اللفظ الموضوع للامر في أنه يحتاج أن يقصد به ما وضع من استدعاء الفعل فإذا أراد استعماله في التهديد أو النهي يحتاج إلى القصد إلى ذلك.
فإذا ثبت هذه الجملة فالتخصيص في الحقيقة يقع بالقصد لا بالأدلة الدالة على ذلك من الكتاب أو السنة أو العقل لان هذه الأدلة للكشف عن غرض المتكلم بالخطاب وهل قصد العموم أو الخصوص؟ وليست موجبة لذلك.
وانما قلنا ذلك لان التخصيص مضاف إلى المتكلم فيقال: انه مخصص بخطابه فينبغي أن يكون وقع ذلك بشئ من فعله ولا يقع بالدليل الذي ربما كان من فعل غيره وجرى ذلك مجرى قصده إلى استعمال اللفظ فيما وضع له في أن القصد يفيد تعلقه فيما وضع له أو غير ما وضع له في المجاز دون الدليل الدال على ذلك.
وعلى هذا سقط قول من قال: ان من شأن التخصيص الا يقع الا بأمر متصل بالخطاب مجاور له ولا يجوز أن يقع بالأدلة المنفصلة لان على هذا التحرير الذي قلنا: ان التخصيص يقع بالقصد قد أجبنا إلى ما قاله فالقصد (1) مقترن بالخطاب غير منفصل منه.
فاما الأدلة الدلالة على ذلك فلا يجب ذلك فيها لأنها قد تكون متصلة به وقد تكون متقدمة عليه الا ترى ان أدلة العقل يخص بها الخطاب العام على بعض