اما ما ذكروه من الخبر إذا انضاف إلى المبتدأ فإنما كان كذلك (1) * لان المبتدأ بانفراده لا يفيد شيئا بل يحتاج في الفائدة إلى الخبر الذي تكمل الفائدة به وجرى ذلك مجرى بعض الاسم في أنه لا يفيد حتى يتكامل جميع حروفه.
ولا يقال: ان انضمام بعض الحروف إلى بعض لتكامل الفائدة مجاز وقبل تكاملها يكون حقيقة. لان ذلك كله فاسد لان الفائدة انما تتم عند اخر حرف منها فكذلك القول في المبتدأ والخبر وليس كذلك القول في العموم (2) * لان لفظ العموم مستقل بنفسه ويفيد فائدته الذي وضع له ولا يحتاج إلى امر اخر وانما دخل عليه ما اقتضى استعماله في غير ما وضع له ينبغي ان يحكم بكونه مجازا.
فاما الحروف الداخلة على الجمل فإنما تحدث فيها معنى من المعاني فتغير معناها ان كانت خبرية ودخل عليها حرف الاستفهام أحدث فيها معنى الاستخبار وكذلك لفظ المتمني وحروف الشرط وغيره لم يغير هذه الحروف احكام الجملة من زيادة إلى نقصان أو نقل إلى غير ما وضع له فلا ينبغي أن يكون مجازا.
وليس كذلك ألفاظ العموم لأنها بعد التخصيص لا تفيد ما كانت تفيده قبل التخصيص فينبغي ان يكون مجازا.
على أن هذا يوجب الا يكون قول القائل: (رأيت سبعا) ثم قال عقيب ذلك:
انى أردت رجلا شجاعا أو قال: (رأيت حمارا أو حائطا) ثم قال: أردت بليدا مجازا لأنه قد وصل بالكلام لفظا دل به على مراده وجرى ذلك مجرى الحروف الداخلة على الجمل حسب ما سئلنا في العموم سواء وهذا لا يقوله أحد.