اباحته مفسدة لنا، فنقدم على ما لا نأمن أن يكون مفسدة لنا، لان الخبر ليس بموجب للعلم، فنقطع به على أحد الامرين، وذلك لا يجوز في العقول.
وليس لاحد أن يقول (1): إذا لم يكن في السمع دلالة على الحادثة الا ما تضمنه خبر الواحد، وجب العمل به بحكم العقل لأنا متى لم نعمل به أدى إلى أن تكون الحادثة لا حكم لها، وذلك لا يجوز لأنه إذا لم يكن في الشرع دليل على حكم تلك الحادثة وجب تبقيتها على مقتضى العقل من الحظر، أو الإباحة، أو الوقف ويحتاج إلى خبر الواحد، فعلم بهذه الجملة بطلان هذا المذهب.
وأما من أوجب العمل (2) به على ما يذهب إليه مخالفونا في الاحكام فالذي يبطله أن نقول:
إذا لم يكن في العقل ما يدل على ذلك فالطريق إلى ايجابه السمع، وليس في السمع دليل على وجوب العمل بخبر الواحد - على ما يذهبون إليه - لان جميع ما يدعونه دليلا ليس في شئ منه دليل على وجه ونحن نذكر شبههم في ذلك ونتكلم عليها بموجز من القول:
أحد ما استدلوا به على وجوب العمل بخبر الواحد قوله تعالى: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (3).
قالوا: فحث الله تعالى كل طائفة على التفقه، وأوجب عليهم الانذار والطائفة