عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٢١٢
فصل [10] (في أن الامر هل يقتضى كون المأمور به مجزيا أم لا (1)؟) ذهب الفقهاء بأجمعهم وكثير من المتكلمين (1) إلى أن الامر بالشئ يقتضى
(١) ينبغي لنا قبل بيان اختلاف آراء الفقهاء والمتكلمين حول هذه المسألة أن نحرر محل النزاع، فنقول يفهم من كلمات الأصوليين أنه لا خلاف أن المكلف لو أتي بالمأمور به على الوجه الصحيح مع تمامية الأجزاء والشرائط يكون مجزيا ويسقط التكليف عن ذمته، كما انه لا خلاف في عدم الأجزاء لو أتي بالمأمور به مختل الأجزاء والشرائط يكون عليه القضاء. و إنما الخلاف كما يستفاد من كلام الشيخ الطوسي حين استدلاله على مذهبه المختار - فيما إذا أتي المكلف بالمأمور به على الوجه الذي تناوله الأمر، أي على صفة الكمال، فهل الإتيان بالمأمور به على هذا الوجه يستلزم سقوط القضاء، أو يبقي احتمال ضرورة القضاء باقيا؟ قولان في المسالة:
١ - الاجزاء: وهو مذهب عامة الفقهاء وجمهور الأصوليين وكثير من المتكلمين.
٢ - عدم الاجزاء، بمعني أنه لا يمتنع أن يكون مجزيا وبرغم ذلك يحتاج إلي القضاء، أو أن اجزاءه يفتقر إلي دليل آخر، وهذا مذهب جماعة كثيرة من المتكلمين كالقاضي عبد الجبار (في كتابه «العمد» كما نقله الشيرازي وغيره) وأبو هاشم الجبائي وأتباعه.
انظر: «التبصرة: ٨٥، الأحكام للآمدي ١٦٢: ٢، الإبهاج ١١٧: ١، شرح اللمع ٢٦٤: ١، ميزان الأصول ١:
٢٥٢ - ٢٥١، المنخول: ١١٨ - ١١٧، المستصفي: ٢: ٥، روضة الناظر: ١٨١، المعتمد في الأصول ٩٠: ١».
أما الإمامية: فقد ذهب الشيخ المفيد (ره) (التذكرة: ٣٠) - وتابعه على ذلك الشيخ الطوسي - إلي أن امتثال الأمر مجز لصاحبه ومسقط عنه فرض ما كان وجب من الفعل عليه. وأما الشريف المرتضى (ره) (الذريعة: ١ / 122 - 121) فإنه ذهب إلي أن الامتثال في عرف يقتضي الاجزاء دون وضع اللغة الذي