عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٢٦٠
فصل [2] (في أن النهى يدل على فساد المنهي عنه أم لا (1)؟) ذهب أهل الظاهر وكثير من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة وكثير
(1) اختلف الفقهاء والمتكلمون والأصوليون من العامة في دلالة النهي على فساد المنهي عنه، وقبل الدخول في تفاصيل الأقوال ينبغي التنبيه إلي أن الأمور الاعتبارية تنقسم إلي قسمين: فبعضها لا يصح فيه معني الفساد و الصحة كالجهل والعلم وغيرهما، والقسم الآخر يصح فيه كالأحكام الاعتبارية والشرعية مثل الصلاة و الصوم والنكاح، فالبحث والخلاف في هذا الفصل يدور حول هذا القسم الثاني. واليك أقوالهم:
1 - النهي يقتضي فساد المنهي عنه: ويقصدون إطلاق الفساد سواء أكان النهي في المعاملات أو العبادات، أو كان لذات المنهي عنه، أو لجزئه، أو بوصف الخارجي اللازم معه أو المفارق عنه. وهذا القول مذهب الأكثر إذ ذهب إليه الشافعي وأتباعه كالشيرازي، والغزالي، واختاره مالك، وأبو حنيفة وأصحابهما، وابن حنبل وجماعةالحنابلة، وجميع أهل الظاهر، وهو مختار جماعة من المتكلمين.
2 - النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه: وهو مذهب جماعة كالقفال، وأبي الحسن الكرخي، والجويني، و الأشعري، وجماعة من الأحناف، وهو أحد قولي الشافعي، ومختار أبي عبد الله البصري، والقاضي عبد الجبار، وأبي هاشم الجباني وآخرين من شيوخ المعتزلة.
3 - التفصيل: بأن يدل النهي على الفساد في العبادات دون العقود والإيقاعات، وهو مذهب أبي الحسين البصري، والغزالي (في المستصفي) وفخر الدين الرازي، وآخرين.
وأيضا عندهم تفصيلات أخرى كقول أبي حنيفة (أن النهي يقتضي الصحة)!! ولا يتسع المقام لذكرها.
أما الإمامية: فإن مذهب المرتضى (ره) هو التوقف لأنه يقول: «إن النهي من حيث اللغة وعرف أهلها لا يقتضي فسادا ولا صحة، وإنما نعلم في متعلقة الفساد بدليل منفصل»، وخالفه في ذلك الشيخ الطوسي (ره)