فصل [6] (في ذكر الوجه الذي يجب أن يحمل عليه مراد الله بخطابه) إذا ورد خطاب عن الله تعالى، فلا يخلو من أن يكون محتملا أو غير محتمل، فان كان غير محتمل، بأن يكون خاصا أو عاما وجب أن نحمله على ما يقتضيه ظاهره، الا أن يدل على أنه أراد به غير ظاهره دليل، فيحمل عليه. فان دل دليل على أنه أراد بالخاص غيره (1) * وجب حمله على ما دل عليه، وإن دل على أنه لم يرد الخاص نظر فيه، فان كان ذلك الخاص مما لا يتسع الا في وجه واحد، وجب أن يحمل على أنه مراد به، والا أدى ذلك إلى أن يكون ما أراد بالخطاب شيئا أصلا. وان كان ذلك مما لا يتسع به في وجوه كثيرة وجب التوقف فيه، ولا يقطع على أنه أريد به البعض لعدم الدليل، ولا أنه أريد به الجميع لأنه لا دليل أيضا عليه.
وهذا أولى مما قاله قوم: من أنه يجب حمله على أنه أريد به جميع تلك الوجوه لأنه لا يمتنع أن يكون أراد بعض تلك الوجوه وأخر بيانه إلى وقت الحاجة على ما نذهب إليه في جواز تأخير بيان المجمل عن وقت الخطاب.