عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٢١٩
فصل [12] (في ذكر الامر بالأشياء على جهة التخيير كيف القول فيه (1)؟) ذهب كثير من المتكلمين إلى أن الكفارات الثلاث كلها واجبة مخير فيها وهو
(١) محل النزاع في الواجب المخير هو فيما إذا ورد الأمر بشيئين أو بثلاثة أشياء أو أكثر وخير المكلف في العمل بأي واحد منها شاء، فهنا عدة أقوال:
١ - الواجب واحد لا بعينه: وهو مذهب أئمة المذاهب وأكثر فقهاء العامة، ونقل إجماع سلف الأمة عليه.
٢ - الواجب منها واحدة وأنها تتعين بالفعل: وهو مذهب بعض الفقهاء، كما قاله أبو الحسن البصري.
٣ - الأشياء كلها واجبة، ولكن المكلف مخير فيها، فإذا فعل أحدها سقط سائرها: وهو مذهب جماعة من أعيان المعتزلة كالجبائيان وأتباعهما، ومختار ابن خويز منداد من المالكية.
وقد اختلف في معني هذا القول حيث نسب الأشاعرة إلي المعتزلة أنهم يقولون: (إنه واجب عند الله تعالي عينا وإن كان مجهولا في حق العباد) ولكن المعتزلة أيضا نسبوه إلي الأشاعرة وتبرءوا منه وقالوا:
«معني قولنا إن الأشياء واجبة على البدل، فهو إنه لا يجوز للمكلف الإخلال بجميعها، ولا يلزمه الجمع بينها، و يكون فعل كل واحد منها موكولا إلي اختياره لتساويها في الوجوب».
انظر: «التبصرة: ٧٠، الأحكام للآمدي ٩٤: ١، الإبهاج ٥٣: ١، شرح اللمع ٢٥٥: ١، ميزان الأصول ١:
٢٤٥ - ٢٤٤، المنخول: ١١٩، المعتمد 79: 1 - 77، الإحكام 332: 3».
أما الإمامية: فإن مختار الشيخ المفيد (ره) هو القول الأول (التذكرة: 31)، ومذهب المرتضى (ره) هو القول الثالث (الذريعة 99: 1 - 88)، وأما الشيخ الطوسي فإنه ذهب غلي وجوب الأشياء، لكنه أوجب علي المكلف اختيار أحدها.