ولا يجب من حيث شارك التخصيص النسخ في بعض الأحكام ان يكونا بمعنى واحد كما أن مشاركة بيان المجمل للتخصيص في بعض الأحكام لا يدل على أن معناهما واحد.
وكون النسخ في المعنى تخصيصا من حيث إنه تخصيص للأوقات لا يوجب انه تخصيص لأنه أخص منه والتخصيص أعم وكل ذلك يوجب افتراقهما في الحد والحكم.
فإذا ثبت ذلك فالقديم تعالى يجوز أن يريد بالعام الخاص لان أهل اللغة إذا كانوا استجازوا ذلك وتعارفوه وجرت عادتهم باستعماله وكان القديم تعالى متكلما بلغتهم وجب أن يجوز أن يتكلم بذلك ويريد به الخصوص كما أنه يجوز أن يتكلم بالمجاز والحقيقة والإطالة تارة والايجاز أخرى ويؤكد كلامه تارة ولا يؤكد أخرى لما كان ذلك من عادة أهل اللغة وكان القديم تعالى متكلما بلغتهم فينبغي أن يتكلم على طريقتهم.
الا انه متى تكلم بلفظ العام وأراد به الخاص فلابد من أن يدل عليه ويقرن به ما يدل على تخصيصه والا كان موجبا لاعتقاد الجهل كما أنه إذا أراد بالحقيقة المجاز فلابد من أن يدل عليه.
وأيضا: فإذا جاز أن يتكلم بالعام ويستثنى منه جاز أن يدل عليه دليل غير الاستثناء يعلم به انه أراد الخصوص لان الاستثناء دليل التخصيص كما أن غيره من الأدلة كذلك.
ويدل على جواز ذلك أيضا: ان الله تعالى تكلم في مواضع بلفظ العام وقد علمنا أنه أراد الخصوص فلولا ان ذلك كان حسنا والا لم يحسن منه ذلك.
وليس لاحد أن يقول: كما لا يحسن منه الاخبار الا على القطع والامر الا على الشروط في بعض الوجوه وحسن ذلك فينا فكذلك لا يمتنع استعمال العام في الخاص فينا وان لم يحسن فيه تعالى.
وذلك أن هذا أولا: باطل بما قلناه من وجودنا مواضع كثيرة من القران ظاهرها