ومنها: قوله تعالى: ﴿إذ دخلوا على داود﴾ (١) وانما أراد به الخصمين.
والجواب عن ذلك من وجهين أحدهما: ان ذلك مجاز وكلامنا في الحقيقة وجرى ذلك مجرى قولنا: ﴿انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون﴾ (٢) ونحو قوله: ﴿وكنا لحكمهم شاهدين﴾ (٣) ولا خلاف ان لفظ الجماعة في الواحد مجاز فلو لزم ما قالوه للزم أن يكون ذلك حقيقة في الواحد وللزم في قوله: ﴿وهل اتاك نبؤ الخصم إذ تسوروا المحراب﴾ (٤) لان لفظ (الخصم) لفظ الواحد ومع ذلك قد أخبر عنه بلفظ الجمع وذلك مجاز بلا خلاف.
والوجه الثاني: ان قوله: (وكنا لحكمهم شاهدين) أراد به داود وسليمان والمحكوم عليه والخصم وهم جماعة فلأجل ذلك أخبر عنهم بلفظ الجمع.
وكذلك قالوا في قوله تعالى: ﴿خصمان بغى بعضنا على بعض﴾ (5) انه أراد به جنس الخصمين لان لفظ (الخصم) لفظ المصدر ويقع على الواحد والجماعة والذكر والأنثى على حد واحد لأنهم يقولون: (رجل خصم) و (رجال خصم) و (امرأة خصم) و (نساء خصم) كل ذلك بلفظ واحد.
وإذا ثبت ذلك كان قوله (خصمان) لا يختص بالاثنين دون ما زاد عليهما فلأجل ذلك أخبر عنهما بلفظ الجماعة.
وقووا ذلك بان قالوا: قال في أول الآية: (وهل اتاك نبؤ الخصم إذا تسوروا المحراب) فأخبر عن (الخصم) بكناية الجماعة فعلم بذلك انه أراد الجنس دون الواحد.
وعلى الوجهين جميعا سقط التعلق بالآيات.