هذا، ثم إنه على تقدير عدم إمكان الأرش في المختلفين، هل يكون الحكم مثل المتفقين من انحصار التخيير بين الرد والإمساك بغير أرش؟ أم يكون ما يقابل الأرش من العوض باطلا، فيأخذ بالنسبة؟ أو يرد، على ما سيجئ من اختيار الشارح في السلف معللا بأن الأرش جزء من الثمن (1)؟
وسيجئ تمام الكلام في أحكام العيب، فلاحظ.
قوله: فإنه قد يشم منه رائحة المخالفة، لما تقدم.. إلى آخره (2).
لا مخالفة، لأن المبيع في الحقيقة مجموع أجزاء كل جزء موصوف بالصحة، ونفس الصحة أيضا جزء، وعلى البائع أن يؤدي جميع ما أمكنه أن يؤدي، لأن التكليف بالمجموع تكليف بمجموع أجزاء كل جزء في ضمن الكل، فالتكليف بكل جزء مستصحب حتى يثبت خلافه، ومجرد عدم التمكن من الجزء الآخر لا يرفع التكليف ولا يثبت خلافه، للاستصحاب وللاطلاق، والعموم في الوفاء بكل جزء جزء، وللأخبار، مثل: " الميسور لا يسقط بالمعسور " (3) وغيره.
وجميع ما ذكر إنما هو بالقياس إلى ما لا يمكن، وأما الأجزاء الممكنة فالواجب على المشتري إما أخذ الجميع أو رد الجميع، ولا يمكنه أن يقول: أرد بعض الممكن وأمسك بعضه من جهة أن بعضا منه لا يمكن الحصول، وللبائع أن يقول: الجزء المعيب إن كان داخلا في عقدك ومن جملة الأجزاء لمبيعك، فكيف ترده علي بخصوصه، من جهة عدم تمكني من الجزء الآخر الذي هو صحة ذلك الجزء؟ وإن لم يكن داخلا ولا جزءا من مبيعك، فكيف تأخذه مني قهرا عند اختيارك الإمساك والأرش؟ وهذا تحكم بحت منك، بالنظر إلى مقتضى العقود والعهود والشروط، فتدبر.