يعقل بالله ورسوله، فأما الكفر بالإيمان فهو محال، فلهذا السبب اختلف المفسرون على وجوه: الأول: قال ابن عباس ومجاهد * (ومن يكفر بالإيمان) * أي ومن يكفر بالله، إنما حسن هذا المجاز لأنه تعالى رب الإيمان، ورب الشيء قد يسمى باسم ذلك الشيء على سبيل المجاز، والثاني: قال الكلبي * (ومن يكفر بالإيمان) * أي بشهادة أن لا إله إلا الله، فجعل كلمة التوحيد إيمانا، فإن الإيمان بها لما كان واجبا كان الإيمان من لوازمها بحسب أمر الشرع، وإطلاق اسم الشيء على لازمه مجاز مشهور، والثالث: قال قتادة: إن ناسا من المسلمين قالوا: كيف نتزوج نساءهم مع كونهم على غير ديننا! فأنزل الله تعالى هذه الآية أي، ومن يكفر بما نزل في القرآن فهو كذا وكذا، فسمى القرآن إيمانا لأنه هو المشتمل على بيان كل ما لا بد منه في الإيمان. المسألة الثالثة: القائلون بالاحباط قالوا: المراد بقوله * (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) * أي عقاب كفره يزيل ما كان حاصلا له من ثواب إيمانه، والذين ينكرون القول بالاحباط قالوا: معناه أن عمله الذي أتى به بعد ذلك الإيمان فقد هلك وضاع؛ فإنه إنما يأتي بتلك الأعمال بعد الإيمان لاعتقاده أنها خير من الإيمان، فإذا لم يكن الأمر كذلك بل كان ضائعا باطلا كانت تلك الأعمال باطلة في أنفسها، فهذا هو المراد من قوله * (فقد حبط عمله) *. المسألة الرابعة: قوله تعالى: * (وهو في الآخرة من الخاسرين) * مشروط بشرط غير مذكور في الآية، وهو أن يموت على ذلك الكفر؛ إذ لو تاب عن الكفر لم يكن في الآخرة من الخاسرين، والدليل على أنه لا بد من هذا الشرط قوله تعالى: * (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) * (البقرة: 217) الآية.
ثم قال تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) *.
اعلم أنه تعالى افتتح السورة بقوله * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * (المائدة: 1) وذلك لأنه حصل بين