لا تخاصم اليهود لأجل المنافقين.
المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه الله: خصمك الذي يخاصمك، وجمعه الخصماء، وأصله من الخصم وهو ناحية الشيء وطرفه، والخصم طرف الزاوية وطرف الأشفار، وقيل للخصمين خصمان لأن كل واحد منهما في ناحية من الحجة والدعوى، وخصوم السحابة جوانبها.
المسألة الثالثة: قال الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام: دلت هذه الآية على صدور الذنب من الرسول عليه السلاة والسلام، فإنه لولا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يخاصم لأجل الخائن ويذب عنه وإلا لما ورد النهي عنه.
والجواب: أن النهي عن الشيء ة يقتضي كون المنهي فاعلا للمنهي عنه، بل ثبت في الرواية أن قوم طعمة لما التمسوا من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يذب عن طعمة وأن يلحق السرقة باليهودي توقف وانتظر الوحي فنزلت هذه الآية، وكان الغرض من هذا النهي تنبيه النبي عليه الصلاة والسلام على أن طعمة كذاب، وأن اليهودي برئ عن ذلك الجرم.
فإن قيل: الدليل على أن ذلك الجرم قد وقع من النبي عليه الصلاة والسلام قوله بعد هذه الآية * (واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما) * فلما أمره الله بالاستغفار دل على سبق الذنب.
والجواب من وجوه: الأول: لعله مال طبعه إلى نصرة طعمة بسبب أنه كان في الظاهر من المسلمين فأمر بالاستغفار لهذا القدر، وحسنات الأبرار سيئات المقربين. والثاني: لعل القوم لما شهدوا على سرقة اليهودي وعلى براءة طعمة من تلك السرقة ولم يظهر للرسول عليه الصلاة والسلام ما يوجب القدح في شهادتهم هم بأن يقضي بالسرقة على اليهودي، ثم لما أطلعه الله تعالى على كذب أولئك الشهود عرف أن ذلك القضاء لو وقع لكان خطأ، فكان استغفاره بسبب أنه هم بذلك الحكم الذي لو وقع لكان خطأ في نفسه وإن كان معذورا عند الله فيه. الثالث: قوله * (واستغفر الله) * يحتمل أن يكون المراد: واستغفر الله لأولئك الذين يذبون عن طعمة ويريدون أن يظهروا براءته عن السرقة ثم قال تعالى:
* (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) *.
والمراد بالذين يختانون أنفسهم طعمة ومن عاونه من قومه ممن علم كونه سارقا، والاختيان كالخيانة