والكتاب هو القرآن، وهذا ضعيف لأن العطف يوجب المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه وتسمية محمد والإسلام والقرآن بالنور ظاهرة، لأن النور الظاهر هو الذي يتقوى به البصر على إدراك الأشياء الظاهرة، والنور الباطن أيضا هو الذي تتقوى به البصيرة على إدراك الحقائق والمعقولات.
قوله تعالى * (يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) *.
ثم قال تعالى: * (يهدي به الله) * أي بالكتاب المبين * (من اتبع رضوانه) * من كان مطلوبه من طلب الدين اتباع الدين الذي يرتضيه الله تعالى، فأما من كان مطلوبه من دينه تقرير ما ألفه ونشأ عليه وأخذه من أسلافه مع ترك النظر والاستدلال، فمن كان كذلك فهو غير متبع رضوان الله تعالى. ثم قال تعالى: * (سبل السلام) * أي طرق السلامة، ويجوز أن يكون على حذف المضاف، أي سبل دار السلام، ونظيره قوله * (والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم) * (محمد: 4، 5) ومعلوم أنه ليس المراد هداية الإسلام، بل الهداية إلى طريق الجنة. ثم قال: * (ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه) * أي من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وذلك أن الكفر يتحير فيه صاحبه كما يتحير في الظلام، ويهتدي بالإيمان إلى طرق الجنة كما يهتدي بالنور، وقوله * (بإذنه) * أي بتوفيقه، والباء تتعلق بالاتباع أي اتبع رضوانه بإذنه، ولا يجوز أن تتعلق بالهداية ولا بالإخراج لأنه لا معنى له، فدل ذلك على أنه لا يتبع رضوان الله إلا من أراد الله منه ذلك. وقوله تعالى: * (ويهديهم إلى صراط مستقيم) * وهو الدين الحق، لأن الحق واحد لذاته، ومتفق من جميع جهاته، وأما الباطل ففيه كثرة، وكلها معوجة.
وقوله تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) * في الآية سؤال، وهو أن أحدا من النصارى لا يقول: إن الله هو المسيح ابن مريم، فكيف حكى الله عنهم ذلك مع أنهم لا يقولون به.