المحصول في علم الأصول والله أعلم.
المسألة الثانية: دلت هذه الآية على وجوب عصمة محمد صلى الله عليه وسلم عن جميع الذنوب، والدليل عليه أنه لو صدر عنه ذنب لجاز منعه، وكل من منع غيره عن فعل يفعله كان مشاققا له، لأن كل واحد منهما يكون في شق غير الشق الذي يكون الآخر فيه، فثبت أنه لو صدر الذنب عن الرسول لوجبت مشاقته، لكن مشاقته محرمة بهذه الآية فوجب أن لا يصدر الذنب عنه.
المسألة الثالثة: دلت هذه الآية على أنه يجب الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام في أفعاله إذ لو كان فعل الأمة غير فعل الرسول لزم كون كل واحد منهما في شق آخر من العمل فتحصل المشاقة، لكن المشاقة محرمة، فيلزم وجوب الاقتداء في أفعاله.
المسألة الرابعة: قال بعض المتقدمين: كل مجتهد مصيب في الأصول لا بمعنى أن اعتقاد كل واحد منهم مطابق للمعتقد، بل بمعنى سقوط الإثم عن المخطئ، واحتجوا على قولهم بهذه الآية قالوا: لأنه تعالى شرط حصول الوعيد بتبين الهدى، والمعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط، وهذا يقتضي أنه إذا لم يحصل تبين الهدى أن لا يكون الوعيد حاصلا.
وجوابه: وهو دلالة ظنية عند من يقول به، والدليل الدال على أن وعيد الكفار قطعي أنه تعالى قال بعد هذه الآية * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * (النساء: 116) والقاطع لا يعارضه المظنون.
المسألة الخامسة: الآية دالة على أنه لا يمكن تصحيح الدين إلا بالدليل والنظر والاستدلال، وذلك لأنه تعالى شرط حصول الوعيد بتبين الهدى، ولو لم يكن تبين الهدى معتبرا في صحة الدين وإلا لم يكن لهذا الشرط معنى.
المسألة السادسة: الآية دالة على أن الهدى اسم للدليل لا للعلم، إذ لو كان الهدى اسما للعلم لكان تبين الهدى إضافة الشيء إلى نفسه وأنه فاسد.
* (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشآء ومن يشرك بالله فقد ضل