مع قدرته على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنة الله تعالى وهو قول الحسن. الثاني: أن الله كان عفوا لمن عفا، قديرا على إيصال الثواب إليه. الثالث: قال الكلبي: إن الله تعالى أقدر على عفو ذنوبك منك على عفو صاحبك.
* (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) * اعلم أنه تعالى لما تكلم على طريقة المنافقين عاد يتكلم على مذاهب اليهود والنصارى ومناقضاتهم وذكر في آخر هذه السورة من هذا الجنس أنواعا: النوع الأول: من أباطيلهم: إيمانهم ببعض الأنبياء دون البعض. فقال: * (إن الذين يكفرون بالله ورسله) * فإن اليهود آمنوا بموسى والتوراة وكفروا بعيسى والإنجيل، والنصارى آمنوا بعيسى والإنجيل وكفروا بمحمد والقرآن * (ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) * أي يريدون أن يفرقوا بين الإيمان بالله ورسله * (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا) * أي بين الإيمان بالكل وبين الكفر بالكل سبيلا أي واسطة، وهي الإيمان بالبعض دون البعض.
ثم قال تعالى: * (أولئك هم الكافرون حقا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في خبر * (إن) * قولان: أحدهما: أنه محذوف، كأنه قيل جمعوا المخازي. والثاني: هو قوله * (أولئك هم الكافرون) * والأول أحسن لوجهين: أحدهما: أنه أبلغ لأنه إذا حذف الجواب ذهب الوهم كل مذهب من العيب، وإذا ذكر بقي مقتصرا على المذكور، والثاني: أنه رأس الآية، والأحسن أن لا يكون الخبر منفصلا عن المبتدأ.