والسؤال الثاني: ما معنى التعزيز؟ الجواب: قال الزجاج: العزز في اللغة الرد، وتأويل عززت فلانا، أي فعلت به ما يرده عن القبيح ويزجره عنه، ولهذا قال الأكثرون: معنى قوله * (وعزرتموهم) * أي نصرتموهم، وذلك لأن من نصر إنسانا فقد رد عنه أعداءه. قال: ولو كان التعزيز هو التوقير لكان قوله * (وتعزروه وتوقروه) * (الفتح: 9) تكرارا. والسؤال الثالث: قوله * (وأقرضتم الله قرضا حسنا) * دخل تحت إيتاء الزكاة، فما الفائدة في الإعادة؟ والجواب: المراد بإيتاء الزكاة الواجبات. وبهذا الاقراض الصدقات المندوبة، وخصها بالذكر تنبيها على شرفها وعلو مرتبتها. قال الفراء: ولو قال: وأقرضتم الله إقراضا حسنا لكان صوابا أيضا إلا أنه قد يقام الاسم مقام المصدر، ومثله قوله * (فتقبلها ربها بقبول حسن) * (آل عمران: 37) ولم يقل يتقبل، وقوله * (وأنبتها نباتا حسنا) * ولم يقل إنباتا. ثم قال تعالى: * (فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل) * أي أخطأ الطريق المستقيم الذي هو الدين الذي شرعه الله تعالى لهم.
فإن قيل: من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل سواء السبيل. قلنا: أجل، ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم لأن الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة، فإذا زادت النعمة زاد قبح الكفر وبلغ النهاية القصوى.
ثم قال تعالى: * (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في نقضهم الميثاق وجوه: الأول: بتكذيب الرسل وقتل الأنبياء. الثاني: بكتمانهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم. الثالث: مجموع هذه الأمور. المسألة الثانية: في تفسير " اللعن " وجوه: الأول: قال عطاء: لعناهم أي أخرجناهم من رحمتنا. الثاني: قال الحسن ومقاتل: مسخناهم حتى صاروا قردة وخنازير. قال ابن عباس ضربنا الجزية عليهم. ثم قال تعالى: * (وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي (قسية) بتشديد الياء بغير ألف على وزن فعلية، والباقون بالألف والتخفيف، وفي قوله (قسية) وجهان: أحدهما: أن تكون القسية بمعنى القاسية