ذلك في الكل.
الحجة الثانية: قوله تعالى: * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (الأنفال: 38) وهو عام في جميع أصناف الكفرة.
الحجة الثالثة: أن الزنديق لا شك أنه مأمور بالتوبة، والتوبة مقبولة على الإطلاق لقوله تعالى: * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) * (الشورى: 25) وهذا عام في جميع الذنوب وفي جميع أصناف الخلق.
المسألة الخامسة: إسلام الصبي صحيح عند أبي حنيفة، وقال الشافعي لا يصح.
قال أبو حنيفة دلت هذه الآية على صحة إسلام الصبي لأن قوله: * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) * عام في حق الصبي، وفي حق البالغ.
قال الشافعي: لو صح الإسلام منه لوجب، لأنه لو لم يجب لكان ذلك إذنا في الكفر، وهو غير جائز، لكنه غير واجب عليه لقوله عليه الصلاة والسلام: " رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ " الحديث، والله أعلم.
المسألة السادسة: قال أكثر الفقهاء: لو قال اليهودي أو النصراني: أنا مؤمن أو قال أنا مسلم لا يحكم بهذا القدر بإسلامه، لأن مذهبه أن الذي هو عليه هو الإسلام وهو الإيمان، ولو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعند قوم لا يحكم بإسلامه، لأنه فيهم من يقول: إنه رسول الله إلى العرب لا إلى الكل، ومنهم من يقول: إن محمدا الذي هو الرسول الحق بعد ما جاء، وسيجئ بعد ذلك، بل لا بد وأن يعترف بأن الدين الذي كان عليه باطل وأن الدين الموجود فيما بين المسلمين هو الحق والله أعلم.
ثم قال تعالى: * (تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة) * قال أبو عبيدة: جميع متاع الدنيا عرض بفتح الراء، يقال: إن الدنيا عرض حاضر يأخذ منها البر والفاجر، والعرض بسكون الراء ما سوى الدراهم والدنانير، وإنما سمي متاع الدنيا عرضا لأنه عارض زائل غير باق ومنه يسمي المتكلمون ما خالف الجوهر من الحوادث عرضا لقلة لبثه، فقوله: * (فعند الله مغانم كثيرة) * يعني ثوابا كثيرا، فنبه تعالى بتسميته عرضا على كونه سريع الفناء قريب الانقضاء، وبقوله: * (فعند الله مغانم كثيرة) * على أن ثواب الله موصوف بالدوام والبقاء كما قال: * (والباقيات الصالحات خير عند ربك) * (مريم: 76).
ثم قال تعالى: * (وكذلك كنتم من قبل) * وهذا يقتضي تشبيه هؤلاء المخاطبين بأولئك الذين ألقوا