فلان بفلان إذا ولع به كأنه ألصق به، ويقال لما التصق به، ويقال لما التصق به الشيء: الغراء، وفي قوله * (بينهم) * وجهان: أحدهما: بين اليهود والنصارى. والثاني: بين فرق النصارى، فإن بعضهم يكفر بعضا إلى يوم القيامة، ونظيره قوله * (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) * (الأنعام: 65) وقوله * (وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) * وعيد لهم.
قوله تعالى * (يا أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جآءكم من الله نور وكتاب مبين) * قوله تعالى: * (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير) *. وأعلم أنه تعالى لما حكى عن اليهود وعن النصارى نقضهم العهد وتركهم ما أمروا به، دعاهم عقيب ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال * (يا أهل الكتاب) * والمراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى، وإنما وحد الكتاب لأنه خرج الجنس، ثم وصف الرسول بأمرين: الأول: أنه يبين لهم كثيرا مما كانوا يخفون. قال ابن عباس: أخفوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وأخفوا أمر الرجم، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين ذلك لهم، وهذا معجز لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقرأ كتابا ولم يتعلم علما من أحد، فلما أخبرهم بأسرار ما في كتابهم كان ذلك إخبارا عن الغيب فيكون معجزا. والوصف الثاني للرسول: قوله * (ويعفوا عن كثير) * أي لا يظهر كثيرا مما تكتمونه أنتم، وإنما لم يظهره لأنه لا حاجة إلى إظهاره في الدين، والفائدة في ذكر ذلك أنهم يعلمون كون الرسول عالما بكل ما يخفونه، فيصير ذلك داعيا لهم إلى ترك الإخفاء لئلا يفتضحوا.
ثم قال تعالى: * (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) * وفيه أقوال: الأول: أن المراد بالنور محمد، وبالكتاب القرآن، والثاني: أن المراد بالنور الإسلام، وبالكتاب القرآن. الثالث: النور